28-09-2015, 03:56 PM
|
#25 |
مشرف سابق
تاريخ التسجيل : Jan 2015 رقم العضوية : 1224 الدولة : فلسطين الجنس : ذكر المشاركات : 1,409 أوسـمـة: مجدي |
كل الاوسمة:2 (more»)
| | زنجبار كيفما رأيتها زنجبار كيفما رأيتها بَوْحُ الحَضَارَةْ .. مَجْدٌ تَجَلَّى وَرَقْصَةُ الّمَوْجْ .. لِلْعِشْقِ تُنْسَبْ نُورٌ تَلَأْلَأَ جِيلاً فَجِيلاً .. تارِيخٌ يُكْتَبْ زِنْجِبَارُ رِحْلَةٌ لِلنَّاسِ تُحْكَى زنجبار رحلة للناس تحكى، قطعة من الأساطير، ليلةٌ من ألف ليلة وليلة، سجادةُ السندباد المسافر، فرسُ سيفِ بْنِ ذِي يزن، قصيدةُ قيسِ بْنِ الملوح، فانوسُ علي بابا، رمحُ عنترة بن شداد، عَبَقُ التاريخ السحيق، الدُرَّةُ التي استغنى عنها العربي. في زنجبار تَعَرَّفْتُ على الزُرْقَةِ النقية في همساتِ أمواجِ المحيط، وعلى السُمْرَةِ البريئة في وجوه أطفال الحارات، وعلى الذهب الخالصِ في شُطآن الجُزُرِ البَتُول، وعلى الحُمْرَةِ الناعمة في حَبَّاتِ الليتشي اللذيذة، وعلى الخُضْرَةِ الهادئة في الحقول والغابات، والصُفْرَةِ المُحَيِّرَةِ في الأفق وقت الغروب، في زنجبار عَرَفْتُ معنى الألوان. في زنجبار بدأنا يومنا مع كأسِ عصير المانجا الطازج، وقطع الأناناس والبطيخ والموز التي تُغازلُ رِيحَ الصباحِ اللطيفةِ المتدفقةِ من شُرْفَتِنَا المطلةِ على المحيط البَشُوش، و"كاريبو" تخرج من بين شفتي النادلِ مُرَحِّباً بنا تأخُذُنا إلى عوالِمَ أخرى، "جامبو" نَرُدُّ عليه بالتحية التي تعلمناها من سائق التاكسي الذي صاحَبَنَا من المطار في طريقنا إلى الفندق، يُقدم لنا ما طاب من طعام الإفطار، يبتسم لنا، "أسانتي" نشكُرُهُ لحسن تعامله فيذهب في طريقه. في زنجبار تقرأُ القصص في وجوه المارين، فهذا أصوله هندية، وذاك من فارس، وهؤلاء من بلاد العرب، وأخرون عجمٌ يستجمون، في كل وجه حكايةٌ تُعَلمك معنى الحياة. في السوق تختلط روائح الفاكهة المنعشة مع رائحة الأسماك الحية، لتعيش الطبيعة في أبسط حالاتها. في زنجبار ترى الوقت وقد توقف قبل عقود، فالمساكن أكواخٌ خشبية، والمدينة الوحيدة حارة كحارة أجدادنا القديمة، والطعام بسيطٌ كأهله، واللباس تقليديٌ عربيٌ وإفريقي، والشوارع أكثرها ترابي أو شبه ترابي، والسيارات قديمة وقليلة، والدراجات الهوائية والنارية تُحْكِم سيطرتها على الطرقات، أما الـ"دالا دالا" فهي وسيلة النقل الشائعة، والزوارق الشراعية تكسوا شواطئها، والأطفال في كل مكان، والتلفاز على قارعة الطريق وحولَهُ تجمهرٌ كبير، والنباتات والأشجار تُهَيْمِنُ على المساحات الشاسعة. في زنجبار كل زاوية تنطق بالعربية، فالحجارة والأبواب تتحدث العربية بطلاقة، والسواحيلية تزوجت بعربية، والمساجد المنتشرة تَصيح بالعربية خمس مرات في اليوم، والقبعات عربية، والجلباب عربي، حتى ملامح أهلها في كثيرها عربية. في زنجبار يوقفنا شرطي بحجة اجتياز السرعة المسموحة، "جامبو" يقذفها سائقنا وكأنه في علاقة غرامية قديمة مع هذا الشرطي، وذاك يبادله نفس الشعور بل وأكثر، وبعد كلام يطول ويطول، تَصّْفَرُّ الوجوه فجأة دون سابق إنذار، وتَغْرَوْرِقُ العيون، ويبتعد الشرطي مسافةً يَعتقد بأنها كافيةً ليَتَدارى بها أعين الحاضرين، فَيُخرج سائقنا شيئا من جيبه وينزل من السيارة لاحقا به. وبعد مصافحةٍ سريعةٍ تَحْمَرُّ الوجوه وتَعلو الابتسامة مجددا، ويعود سائقنا فيكمل طريقه وكأن شيئا لم يكن. "هاكونا ماتاتا" سمعتهما يقولان، لا مشكلة، أظنهما تصالحا! في زنجبار الكثير من الجزر الصغيرة الخيالية، تقترب منها مبحرا في قاربك الخشبي، لتعيش أحلامك التي راودتك كل ليلة قبل هذه الليلة، تقفز من القارب وتسير على الشاطئ الرملي كمن قفز من واقعه إلى عُمْقِ روايةِ عشقٍ كُنْتَ قد قرأْتَها بعد وقوعِكَ في غرامِ تلك الجميلةِ وعيونِها الساحرة، بعد أن بدأتَ تخطو أُولى خَطَواتِكَ عند البلوغ. وما إن يبتعد قاربك عنها رويدا رويدا تشعرُ وكأنها تشير لك مع بعيد "كواهيري"، فترفع يدك مُلَوِّحاً لها "كواهيري". زنجبار رحلة للناس تحكى، قطعة من الأساطير، ليلةٌ من ألف ليلة وليلة، سجادةُ السندباد المسافر، فرسُ سيفِ بْنِ ذِي يزن، قصيدةُ قيسِ بْنِ الملوح، فانوسُ علي بابا، رمحُ عنترة بن شداد، عَبَقُ التاريخ السحيق، الدُرَّةُ التي استغنى عنها العربي. بَوْحُ الحَضَارَةْ .. مَجْدٌ تَجَلَّى وَرَقْصَةُ الّمَوْجْ .. لِلْعِشْقِ تُنْسَبْ نُورٌ تَلَأْلَأَ جِيلاً فَجِيلاً .. تارِيخٌ يُكْتَبْ زِنْجِبَارُ رِحْلَةٌ لِلنَّاسِ تُحْكَى إنتظروني مع الحلقة القادمة
دراسة وتخطيط مسار الرحلة
التعديل الأخير تم بواسطة مجدي ; 01-10-2015 الساعة 08:38 PM |
| |