يرقص، يغني، يرفع من صوت الموسيقى، ينظر إلي مبتسما، يشير بأصابعه ويتمتم بكلمات لا أدري معناها، يقود بسرعة، أغلب الظن أنه ثمل. غريب جدا، الطريق طويلة بعكس ما توقعت، استغرقت ما يقارب ثلاث عشرة دقيقة، كنت أظنها لا تتعدى الخمس دقائق، حتى أنني أثناء دراستي وتخطيطي للرحلة، دار بخاطري أن نذهب من الفندق إلى المطار مشيا في حال لم نتوفق بالحصول على سيارة أجرة. أوصلنا السائق إلى إحدى بوابات المطار، نزلنا، أخذنا حقائبنا، ودخلنا الصالة. ذهبت مباشرة لألقي نظرة على شاشة رحلات المغادرة لأتأكد من رحلتنا، وللغرابة لم أجدها، فأصابني بعض التوتر والقلق، فلا يعقل أن تظهر كل هذه الرحلات ولا تظهر رحلتنا، هل تم تأجيلها؟ ربما ألغيت كرحلة العودة؟ أو أنها فاتتنا؟ لكن الساعة كانت حينها الثالثة وعشرون دقيقة، في حين أن رحلتنا يفترض أن تقلع عند الساعة السادسة وأربعون دقيقة.

دخلت من جهازي الجلاكسي إلى صورة قسيمة حجز التذاكر خاصتنا، تأكدت من توقيت الرحلة، رغم أنني كنت قد تأكدت منها بالأمس. رقم الرحلة CZ6600، ستقلع عند الساعة السادسة وأربعون دقيقة يوم السبت السادس عشر من يوليو، أي اليوم، من البوابة رقم 37 تيرمينال 2، تيرمينال 2؟، تيرمينال 2؟!، "يا جماعة إحنا في تيرمينال 3!!!"، الان فقط عرفت سبب استغراقنا لأكثر من عشر دقائق للانتقال من الفندق إلى المطار، فالتيرمينال الثالث بعيد جدا عن الفندق، وكنت قد اخترت فندقنا لقربه الشديد من التيرمينال الثاني الذي ستقلع منه رحلتنا إلى مقاطعة هونان. "من طلب من السائق بأن يأخذنا إلى التيرمينال الثالث؟" قلت بعصبية، فجأة قفزت إحدى أخوات زوجتي وقالت بأنها وعند صعودها للسيارة، أشار إليها السائق بأصابعه الثلاث، فظنت أنه يشير إلى الساعة الثالثة، فحركت رأسها مؤكدة له ذلك. وهكذا وجدنا أنفسنا في التيرمينال الثالث في ساعات الفجر الباكرة، والصالة العملاقة تخلو تقريبا من البشر، وهنالك ربما عشرة أشخاص فقط يجلسون عند المدخل. تذكرت فورا النقليات المجانية التي يوفرها المطار ما بين التيرمينال الأول والثاني والثالث، وهنا بدأت مهمة البحث عن المكان الذي تنطلق منه هذه النقليات، فرأيت احدى اللافتات تشير إلى أن الباصات والنقليات المجانية موجودة في طابق "1F"، دخلنا أقرب مصعد وضغطنا على الزر الذي يوصل إلى ذلك الطابق.