![]() |
- خروج من المطار - وتتسارع الخُطى تسابقُ أحاديث القطى* قالوا المجنون قادم فقلت شكراً وسترٌ وغطا ! -مطر- وإشارةُ إصلاح الطريق تومضُ بالخَطر ! دعيني أشهقُ بصمت ! لينهال الحنين وأغتال الأنين بضوء كالقمر ! - زحام- وأسراب الحمام تراقص الأنام.. عجباً لمدينة كهذه كعين عاشق لا تنام ! تيممتُ بتراب الذكرى فالماء هُنا لا يُطلب ولا يُرام ! وأرخيت جدائل بوحي فاشتدت عاصفة الحروف.. و انتهى الكلام ! :e030: |
-باب الدار- في الحَي الجنوبي تسابقت الأعين في مضمار النظر فالفضول دائماً ديدنُ النائمين وسط المقاهي الساكنين الأرصفة المستحلين للمُلك العام. تفصلني عن المنزل محلات قديمة ومبان تليدة، يُخيل لمن يراها بأنها آيلة للسقوط بيدَ أن أكف القدر تحتضنها. همسات نساء الحَي وأولئك الصبية الأشقياء بالقرب من المدرسة اصبحت كالنيكوتين في شرايين مُدخن فلا يمرُ يوم دون استهلاك كميات هائلة من الأحاديث العارضية والمقالب الصبيانية. أما أنا فلا زلتُ انتظر خلو الموقف لأركن سيارتي في هذه الظهيرة الساخنة وأرقبُ " العساس" * حارس السيارات النهاري؛ذلك الرجل الخمسيني ذو السحنة السمراء. الحَي غريب حقاً فهو مزيج من كافة الأنسجة الاجتماعية وكون حي شعبي جداً فإن تواجد الشرطة به يعتبرُ كنوع من الهلوسة. تخاطبتُ مع عقلي الداخلي وقررتُ أن أوقف السيارة أمام منزل الأهل ومن ثم اتجه إلى داري بعد عناء السفر لأغسل أتربة الأسى على ملامحي و أزيل تجاعيدَ البؤس بعد التأخير في المطارات. غالباً ما أتفادى رصاص الأحاديث الكثيرة وأضعُ درع الصمت الواقي وأطبقه كُليا على مشاعري حال وصولي فإني أدركُ بأني استنزفتُ طاقتي كلها في السفر فأظلُ صامتاً متأملاً تلك الأحاديث وأكواب الشاي ذات السحر الخاص والمذاق الرفيع تساعدني بالبقاء مستمعاً ومستمتعاً لدرجة الهذيان. الوقتُ قصير جداً وصلاةُ الجمعة اقتربت، مشاعري مضطربة بين اشتياق وحَنين ورغبات بمعانقة حتى مصابيح الدار البيضاء، لنقم إلى الصلاة وبعدها لكل حادثة حديث ! :e030: |
- أبي - رحم الله أبي آه كم أشتاق أيام أبي ذلك الرجل الرهيب العصبي العصبي إنه أورثني الحزن. ولكن مدّني بالعزم والعزة والصبر الأبيّ فحملت العِبء طفلا ودُموعي لُعَبي وبكى حين رآني ناجحاً ورِضى عينيه أطفى تعبي إنما كان أبي قاسيا فعلاً ويُخفي نهر حبٍّ عذِبِ قلبه قلب صبي، صبره صبر نبي رحم الله أبي. رحم الله أبي للشاعر : كريم العراقي :e023: |
- ذات حلم - زارني طيفك يا أبي أيها النبيل الأبي ! أتيت حاملاً مصابيحك لتضيء طريقي فقلت للغياهب : اذهبي رأيتكُ مبتسماً في منامي لم أستطع تهيئة كَلامي! واختلط جدي ولعبي .. زرتني وأنا هُنا بين الآه والأنا! في حلمي بالدار البيضاء فيا أطياف الحزن عن ابني اذهبي ! كَريمٌ أنت معي تؤلمك آهاتي وأدمعي ! وبكل عفوية تقول لي : سم تدلل آمرني وش تبي :e023: |
ومضة فقدانك للثقة ليس مسوغاً لاتهام البشر بالخيانة ! #ساري_أحمد |
اللهم جنبنا مرارة الاشتياق ولواعج الفراق و أجعل قلوبنا نقية كنهر أبي رقراق وأبيةً كالعراق، وارحمنا يوم تلتف الساق بالساق. اللهم ارحم صديقي " عبد العزيز" واغفر له واجعل قبره روضة من رياض الجنة يا ذا الجلال والمِنّة. اعلمُ بأن الصور هي مطلبكم جَميعاً لكن أمهلوني بضعة أيام لا اجمع أنفاسي لأني قد نثرتُ شُعيرات رئتي فوق حقول المحيط الأطلسي فأمطرت نرجساً وأرعدت حروفاً علها تنال ذائقتكم الجَميلة. في هذه الرحلة الطويلة " جزئياً" القصيرة "فعلياً" كان جُل اهتمامي ينصب على إنهاء الكثير من الأمور العالقة في مغربنا الحَبيب. فما بين مراجعات ومشاورات وبحث طويل وعميق استقر الرأي على بيع "منزل" وشراء آخر بحثاً عن الهدوء والسُكون، تماماً كسكون الرباط في المساءات الباردة. لكن ذلك لا يعني إهمالي لجدول الرحلة أبداً، فلقد تنقلتُ هنا وهناك وبين أحشاء الأطلس تكون جَنين العشق المُفرط هذه المرة، حيث أن المرور ببعض الأماكن لأكثر من مرة يجعلك ترسمُ لوحة أخرى بتفاصيل أجمل و أدق. أما صديقي عبد العزيز رحمه الله، فشاءت الأقدار أن نفترق قُبيل رحلتي بأربعة أيام تقريباً، إذ تبادلنا أطراف الحديث ذلك المساء وحينما رآني خارجاً من المنزل سألني بصوته المبحوح : صافي غادي للبلاد؟ ابتسمتُ له قائلاً: كلا يا عزيز فإني متجهُ إلى أحد المطاعم القريبة وسأحضر لك أيضاً العشاء، قال : كلا كلا إنما خشيتُ أن تُسافر ولا أراك ولا أودعك. كأنه على علم مسبق بقرب أجله، ذلك اليوم لم يكن اعتيادياً أبداً، والخوفُ دب بين جوانبي لأني فقدته يومين تقريباً وسألت الحاج محمد: ألم ترى عبدالعزيز؟ لا يخفى عليكم بأن حي " ليساسفة" يعتبرُ كالقنبلة الموقوتة إن لم يكن كذلك، نظراً لتردي الخدمات وكونه يقع على الطريق السريع بين الدار البيضاء و مدينة الجديدة، ولكم أن تتخيلوا كثافة المركبات والشاحنات وتلك العَربات المتهالكة، وسائقو الشاحنات المتهورين جداً إذ يعبرون الطريق ويُخيل لهم بأنه لا يوجد أحد أمامهم. ولا يعنيهم شيء سوى إيصال تلك البضائع بعد تمزيق الطرق الجديدة والقديمة و جعل الحي والطريق المؤدي إليه والمخرج كذلك أشبه بأطلال اعمال صيانة. في ذلك المساء خرج عبدالعزيز ولم يعد ، نعم صدقوني لم يعد المسكين، فلقد كان يهمُ بالتجاوز للرصيف الأخر ولم يرى تلك الشاحنة الكبيرة، آه و ألف آه أيها العزيز على قلبي، أتت تلك الشاحنة لتدهس ذو القوام النحيل جداً، حجم السُنبلة في حقول القمح، لتجعله يصارع الموت لمدة يومين في المستشفى ومن ثم سلم الروح إلى بارئها. هنا كانت الصدمة كالصاعقة فوق رأسي، خانتني الدموع حينها لدرجة بأني شعرتُ بأن ملوحة البحر الميت تتفجرُ من خلال عيني وحينها لم أشعر بقلبي، هل هرب نحو الجنوب أم دب البردُ بين جنباته. ليرحمك الله يا عبدالعزيز لن أنسى ما حييت قُبلاتك على جبيني وتلك الابتسامة وسؤالك الدائم عن أحوالي رغم ضعف حالتك و عوزك وقل حيلتك. لكنك شيدت في قلبي لك قصراً لا يهدمه أحد. |
عُشاق المغرب كُثر والمجانين أكثر والعُقلاء أيضاً، منهم من اصبح المغرب عشقه لأسباب فردية والبعض لأسباب عاطفية، أما من ارتبط بعشق البلد نفسه فإن علاجه صعب جداً مقارنة بالآخرين. حيث من يهوى الترحال وسبر الأغوار ومخر عُباب الأطلسي فإنه سيظل دائماً يعشق الاكتشاف والتجديد وإن طال به الغياب فوحده العاشق العاقل يدركُ مضاعفات الحَنين. نحنُ ندرك تماماً كَمية الأوكسجين التي نحتاجها بمعدل طبيعي، لكننا لا نعرف كمية جرعة العشق لإن سحر المغرب المُباح أسرعُ وسيلة للإدمان، وليس أي إدمان بل هو الجُنون العاقل. عرجتُ على تلك الأسواق العشوائية بنظرة سريعة خاطفة، باعة الخُضر في جهة والفواكه في جهة أخرى، وأنا بين ضفافهم أحاول مقاومة أمواج أصواتهم العاتية التي تحاول جذبك نحو تيار شراء حاجياتك منهم. علاوةً على باعة الأسماك ( لم يسبق لي الشراء منهم) ولن اشتري ما حييت وكذلك الجزارين وبعض محلات الحلويات والمخابز الشعبية. ولن ينسى الزائر هذا السوق أبداً، فإن هنالك أطفال مهنتهم بيع الأكياس البلاستيكية التي منعتها الدولة مؤخراً لأسباب بيئية حسب تعبيرهم. أما الوضع بالسوق فهو آمن كثيراً كون الكُل منشغل في كسب قوت يومه، ولا يعني ذلك بالضرورة أن تحمل معك مبلغاً كبيراً أو تخرج هاتفك المحمول. فأنت بين أفقر الأحياء في الدار البيضاء ووسط تكدس غير طبيعي ( غير المواسم) والعُطلات. غالباً ما أخرج برفقة الحاج محمد أو أخي محمد وبطبيعة الحال هم لا يدعوني اخرج لوحدي حتى ولو أردتُ الخروج لمكان قريب. فرط الخوف هذا جعلني أتمرد على القوانين والقيود، بالرغم من حبهم وخوفهم علي إلا إني أعرف تفاصيل هذه المدينة وتلك الأحياء. شكراً لكرمهم وألف شكر لخوفهم علي بارك الله فيهم وفي كل ما يقدمونه لي. بعد أن تنهي جولتك في السوق، سترى عالماً أخراً ينتظرك قُبيل غروب الشمس حيث ذلك الزحام الغير معقول جداً في الطريق وتكدس المركبات، وشرطي يقيد العديد من المخالفات لأصحاب الدراجات النارية وبعض سائقي الأجرة. وبين توسل وعراك صوتي بين الأطراف تكون الشمس راحت في غفوتها اليومية ليبدأ ستار المساء بالنزول تدريجياً. ولا تعتقد بأنك ستشعرُ بالفرق ! كلا فالحي لا يهدأ ولا ينام حتى سويعات الفجر الأولى. إنه مزيج رهيب وخليط عجيب، لن يعجبك الحال مبدئياً وتدريجياً ستجدُ نفسك أحببت الحَي ولو بنسبة ضئيلة أو رسخت لديك بعض أجزاء من الذكريات فيه. لكني لا انصح السائح بزيارته خصوصاً في المساء. لأن الحي لا تدخله الشرطة إلا نادراً بل لا يأتون إلا بعد أن يذهب أحدهم ليحضرهم. أما عن الجمال في الحي، فالمساجد والجوامع كثيرة ومتعددة، وفي جهة من الحَي هنالك سوبر ماركت صغير أو لنقل "ميني ماركت" غالباً يُلبي بعض الحاجيات. لكن من تجربة فإني افضل " مرجان" كونه يضم كافة ما ابحث عنه. قد يتساءل البعض ما سر مكوثك في الحَي ، فأجيبه : منزلُ الأهل هُناك وبتُ مألوفاً على الجَميع واصبح الكُل كما يقول أحبتنا أهل مصر : يعظمون لي التحية ! :e030: |
سأخرجُ من النصوص الارتجالية والهذيان السابق وسأوضح لكم الآلية الخاصة ببرنامج الرحلة والمدن التي عرجتُ عليها وتكاليف السكن في تلك المدن وأسعار المطاعم. أما الجدول فكان كالتالي: 1- الدار البيضاء 2- الرباط. 3- شاطئ بوزنيقة (شواء وسباحة). 4-سلا. 4-العودة إلى الدار البيضاء. 5-حد السوالم. 6-مراكش. 7-الصويرة. 8-سيدي كاوكي. - شاطئ جَميل وخلاب ومنطقة سياحية لا تبعد كثيراً عن الصويرة. 9-العودة إلى مراكش. 10-حد السوالم. 11-الدار البيضاء. 12- قضاء يوم كامل في شاطئ سيدي رحال. 13- الهروب مجدداً إلى ( اوريكا ) نواحي مراكش. |
هلا وغلا بالعاشق الأطلسي أبا أحمد واصل في نثر إبداعاتك وهمساتك الساحرة :18: رحم الله أباك يالغالي متاابعين بهدوء لمشاعرك التي تعزف لنا :e329: شكراً لك بحجم السماء |
اللّهم ارحم من اشتاقت لهم أرواحنا وهم تحت التراب . . . .. . . . ؟ ايها الساري اسعتنا ثم احزنتنا ؟؟ |
الساعة الآن 06:55 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO