الجزء الثاني ..!!
إستيقظت مبكرة بنشاط غير مسبوق
كان لدي الكثير ﻷفعله والكثير ﻷجهزه
كتبت في الليلة الماضية قائمة باﻻشياء التي أحتاج أن آخذها معي من المنزل ﻻني اعلم أني إن لم أقوم بذلك سأنسى شيئاً مهماً كما أفعل دوماً
روب التخرج (أهم شيئ)
كلمتي اللتي سألقيها في حفل المدرسة
كاميرتي اﻻحترافية (هوايتي التصوير)
هدية نور (ساعة جديدة كالتي اهدتني اياها أمي)
ملابسي الجديدة التي سأرتديها لحفل الليلة
أخرجت مريولي من الخزانة ولبسته
طفرت من عيني دمعة
هذه آخر مرة أرتدي فيها هذا المريول اﻻزرق الغامق
كم شهد من ذكريات
ضحكات
نجاحات
دموع
صداقات
سأشتاق ﻷيام المدرسة ولصديقاتي العزيزات
وسأشتاق لجنوننا ومقالبنا وكل الفرح الذي تقاسمناه
رتبت مكياجي البسيط وتأكدت من مظهري في المرآة قبل أن أركض خارجة من غرفتي نحو الدرج
والدي على اﻻريكة في الصالة وباله مشغول
جلست بقربه: من هو سعيد الحظ اللذي شغل بال أبي الحبيب؟
رفع رأسه مبتسماً وعندما شاهدني أحمل روب التخرج وبقية اﻻشياء اختفت ابتسامته: من يشغلني اﻻ اميرتي الغالية
كبرتي يا ريم وأحس أنك ستبتعدين عني
رميت أشيائي على اﻻرض وحضنته: ابي ماهذا الذي تقول
مهما كبرت سأعود هنا في حضنك
ستبقى أبي الحبيب والملك في حياتي
إبتسم مرة أخرى ليغالب دموعه المتجمعة في عينيه وأعطاني هدية مغلفة: تفضلي هديتك تخرجك وأتمنى أن تعجبك
مزقت الغلاف بشغف وكانت الهدية التي تمنيت
أحدث طراز من البلاك بيري: تعرف كيف تسعدني دوماً
أدعو ربي أن يطيل بعمري ﻷفرحك كل يوم كما تفعل معي
لممت أغراضي مرة أخرى وأسرعت خارجة حيث تنتظرني أمي وعمتي ونور وإتجهنا للمدرسة
مر حفل التخرج كلمح البصر
أيعقل أن هذا هو الحفل الذي قضينا حياتنا نتمناه وننتظره
أيعقل أنه الحفل الذي تعبنا ونحن ندرس لنكون في صفوفه اﻷمامية
وها نحن اﻵن وقد إنتهى الحفل
تلفت حولي ورأيت الجميع سعيداً
دموع الفرح تتقاسم الوجوه مع اﻻبتسامات
وباقات الورد تتسايق في الجمال مع الخريجات
ها نحن اﻵن أمام طريق جديد وحياة جديدة وأمنيات جديدة
أحلام نرسمها اليوم ونخطط الطريق لها بالطموح وبالعزم لتحقيقها في المستقبل القريب
إبتسمت وأنا أتخيل نفسي في الجامعة أدخل محاضرة ﻷخرى وأتذمر من طول الوقت وحرارة الجو
أتخيلنا أنا ونور نقرر في الوقت ما بين المحاضرات أننا تعبنا ونحتاج لفترة نقاهة نقضيها في التسوق في أحد المجمعات وربما حضور فيلم ممتع في السينما
إستأذنا أنا ونور من أمهاتنا لمرافقة بعض الصديقات والذهاب للغداء في أحد المطاعم القريبة وبعد وقت ممتع قضيناه سوياً عدنا لمنزل جدي حيث التجهيزات لحفل اليوم ولرجوع عمي أحمد على قدم وساق
قبلت رأس جدي وحكيت له ما تخيلت فقال: ليتحقق ما تخيلتي تحتاجون لسيارة
فكرت: فعلاً ولكن رخصة القيادة أولاً
إبتسم جدي ولف ذراعيه علّي وعلى نور: ليست كل اﻻشياء تأتي بترتيبها المفروض في الحياة
عليكما أن تتعلما بعض الدروس عن الواقع وأن تتوقعا أن ﻻ تسير الأمور كما تتمنون دوماً
خيبات اﻷمل وضياع اﻷحلام شيئان متوقعان في الحياة
لكن علينا أن ﻻ نسمح لها بكسر عزمنا أو الحد من طموحنا
وعلينا دوماً السعي نحو اﻷفضل واﻷحسن
ﻷن في نهاية اﻷمر علينا أن نجد ونتعب لتحقيق ما نتمنى
كما فعلتما وتفوقتا في الثانوية
واﻵن يا حفيدّتي الغاليتين
هل بإمكانكما أن تحضرا لي ذاك الصندوق بالقرب من دلة القهوة
أخذت نور صندوقاً ذهبياً متوسط الحجم وأعطته جدي الذي فتحه وأخرج من داخله صندوقين ذهبين يشابهناه في الشكل ولكن حفر على أحدهما إسمي وعلى اﻵخر إسم نور
أعطى جدي كلاً منا صندوقها وطلب منا أن نفتحهما
قفزت من الفرح وصرخت نور صرخة جعلت الجميع يتوقفون عما كانوا يفعلونه ويتجهون نحونا بهلع
لم أصدق ما أرى: كم أحبك جدي العزيز
أطال الله في عمرك (وقبلت يديه اﻻثنتين بكل حب)
فعلت نور المثل والكل يتسائل عن الذي حصل
أسرعنا للخارج ولحقنا الجميع
ضغطت زر التنبيه على المفتاح الذي كان في صندوقي
وعرفت أن السيارة السوداء لي فركضت لها ودخلت فيها وجلست في كرسي السائق أتخيل نفسي أقودها
نور كانت لها السيارة الذهبية وأسرعت هي كذلك وجلست في كرسي السائق
ﻻ يمكن لهذا ليوم آخر أن يطغى على جمال هذا اليوم وعلى السعادة التي أحسست بها فيه
بعد أن هدأت فرحتنا قليلاً إنطلق كلُ منا لعمله وإتجهنا أنا ونور لأحدى الغرف وبدأنا التجهيزات للحفل الكبير
بعد أذان العشاء بقليل كان كل شيء جاهزاً وكنا جميعاً في المجلس
دخل عمي فهد بإبتسامة كبيرة على وجهه ودخل خلفه عمي أحمد
فتوقف الجميع عما كانو يفعلونه وتوجهوا بأبصارهم نحو الباب
دخل خلفهم شاب ومعه فتاة شقراء وطفلة جميلة ذات عينين واسعتين
أسرعت جدتي نحوهم وسبقتها دموعها
حضنها عمي أحمد وإنهارت جدتي تقريباً فسندها عمي فهد
بعد أن هدأت قليلاً إتجهوا جميعاً لجدي وقبلوا رأسه ويده
لم يتحرك جدي من كرسيه ولم أﻻحظ فيه اللهفة اللتي توقعتها بل كان وجهه خالياً من المشاعر
عرفهم عمي أحمد عليه
الشاب هو محمد والشقراء ذات التنورة البيضاء اللتي تصل بالكاد إلى ركبتها هي ليلي والطفلة الصغيرة هي إبنتهم تمارا التي ولدت في الغربة
فكرت في نفسي (أين هي ظفائر ليلى السوداء!!)
حضنت عمتي أمل عمي أحمد وأبناءه بالدور وعندما وصلوا ﻷبي حضنه عمي أحمد طويلاً ولما جلس والدي إنتبهت لدمعة نزلت من عينه وحاول إخفائها بسرعة
سلمت على عمي وكأني ﻻ أعرفه ولم أمد يدي ﻷسلم على محمد بينما ليلى ردت على سلامي بتكبر باللغة اﻹنجليزية مع أنها فهمت ما قلته بالعربية
قبلت الفتاة الصغيرة وتسائلت: أين هاي الخالة سلوى؟ ﻻ أراها معكم!
إتجهت جميع اﻷبصار نحو عمي أحمد الذي قال بإنكسار: توفيت سلوى قبل 3 شهور بعد معاناة أليمة مع المرض
ساد الصمت المجلس بعد أن كان يضج باﻷحاديث وحاول الجميع أن يبتسم أو أن يقول شيئاً لكن شعور بالغرابة وعدم اﻻرتياح عمنا جميعأً
فكرت في نفسي
كيف تتوفى عمتي سلوى دون أن نعلم؟ ولماذا لم يزرنا طوال الفترة الماضية ومالذي أعاده الآن؟
حاولت تأجيل تساؤﻻتي حتى يمكنني التركيز في ما تبقى من الحفل
وللكلام بقية .gif)