اليوم الثاني 
بعد تعب اليوم الأول والسفر الطويل، كانت الليلة الأولى ليلة السبات والراحة، فبعد العشاء مباشرة خلدنا للنوم، واستيقظنا صباحا حوالي الساعة السابعة والنصف، رتبنا أنفسنا وخرجنا لتناول طعام الإفطار حوالي الساعة التاسعة.
كنا قد اتفقنا قبلها بيوم مع المرشد أن نبدأ جولتنا في الجزيرة حوالي الساعة العاشرة، فبعد أن تناولنا طعامنا واستمتعنا بإطلالة المحيط، توجهنا للبوابة وكان المرشد بانتظارنا مع سائق الفان.
كان المرشد لطيفا جدا وبشوشا، عَرَّفنا على السائق، وتأكد من برنامجنا الكامل حسب اتفاقنا المسبق، توكلنا على الله وانطلقنا لاستكشاف زنجبار الجزيرة الغامضة، وكان هذا اليوم مخصصا لاستكشاف الستون تاون المدينة الصخرية.
مرشدنا
انطلقنا في السيارة باتجاه الستون تاون والتي تبعد حوالي العشرين دقيقة عن الفندق، وصلنا إلى مدخل الستون تاون حيث "السوق الشعبية داراجاني - Darajani Market"، نزلنا من السيارة وبدأنا يومنا والذي سنختمه مشيا على الأقدام، حيث أنه لا يمكن للسيارة من دخول الشوارع الضيقة والحواري والأزقة.
أجمل ما يمكن فعله في الستون تاون هو التعرف على الوجوه المحلية، واستنشاق رائحة الخضار والفاكهة الطازجة والتوابل المختلفة، والاحتكاك بالسكان المحليين، ودخول المحال التجارية والتعرف على السلع المحلية الغريبة والمميزة.
فكان التجوال طوال اليوم رغم انه متعب بعض الشيء إلا أنه مشوق ومثير، فلا تكاد تشعر بالتعب.
أول ما قمنا به عند وصولنا هو تحويل العملة، فقمنا بتحويل 100$ مقابل 2050 شيلينغ للدولار الواحد. ثم انطلقنا بالتجوال في السوق الشعبية والأزقة الرهيبة.
وبعد تجوالنا في الحارات توجهنا إلى أول معلم سياحي مشهور جدا، وهو "سوق العبيد والكنيسة الأنجليكانية"، وفيه المجسم الذي يحكي قصة تجارة العبيد قديما، والكهف الذي يُعتقد بأنهم كانوا يحتجزون فيه العبيد لبيعهم.
قضينا في هذا المكان حوالي النصف ساعة، تجولنا فيه وتعرفنا على ما عرض فيه، وأخذت راحتي طبعا بالتصوير.
المكان بشكل عام جيد ممكن زيارته، المجسم مُعَبِّر، الكهف ضيق جدا ومظلم لن تقضي فيه أكثر من ثلاث دقائق، الكنيسة عادية، والحديقة متواضعة.
بعدها أكملنا جولتنا في أرجاء الستون تاون، وتعرفنا على الأبواب العريقة التي تشتهر بها المدينة، فكل منها تحكي حكاية حضارة وثقافة معينة مرت على هذه البلاد. أبواب جميلة وفريدة ربما لن تشاهدها في أي مكان آخر من العالم.
وفي طريقنا مررنا بجوار بيت المغني الأمريكي الأصل "Freddie Mercury" المشهور عالميا، والذي استقر في زنجبار فترة طويلة. لا يمكن دخول البيت ولكن على المدخل معلقة بعض المعلومات والصور عنه، وهنالك معرض مخصص لأعماله وصوره وأمور أخرى أسفل البيت.
ومنه توجهنا إلى المتجر المشهور جدا لدى السياح "Memories of Zanzibar"، متجر كبير جدا، نظيف ومرتب، ويحتوي على الكثير جدا من التحف والملابس والكتب المحلية، متجر فخم لن تجد مثيلا له في زنجبار كلها، وهذا ما يجعل أسعاره مرتفعة بشكل رهيب، رغم أن السلع ذاتها تجدها بِرُبع السعر بل وأقل في متاجر مجاورة متواضعة، وفي الأكشاك المتفرقة في الجزيرة. لذلك أنصح جدا بزيارة المتجر، ولكن لا أنصح أبدا بالشراء منه.
وبعدها توجهنا إلى "Tipu Tip's House" وهو بيت أحد التجار العرب المشهورين في زنجبار "حميد بن محمد المرجبي" الملقب بـ"تيبو تيب" وهو العربي الذي فتح بلاد الكونغو، ويمكنكم قراءة سيرته الذاتية من الويكيبيديا. لا يمكن دخول البيت فهو مهدد بالسقوط، ولكن يمكن التجول حوله في الخارج.
من ثم توجهنا إلى فندق "The Africa house hotel" القريب، دخلناه وصعدنا إلى المطعم الذي يطل على المتنزه. المنظر من الأعلى رهيب جدا، أمضينا بضعة دقائق ثم نزلنا بواسطة الدرج الحديدي المعلق الذي على ما أظن يستخدم وقت الطوارئ.
ومن بعدها قضينا ما يقارب الربع ساعة في المتنزه نتمتع بالمناظر الخلابة.
ومن هناك توجهنا إلى "قلعة العرب - Old Arab Fort"، ومررنا بجوار أشهر وأقدم الفنادق في زنجبار "Tembo hotel". تجولنا في أرجاء القلعة القديمة والمُدرج، وكانت في تلك الأثناء التحضيرات لـ"مهرجان زنجبار للأفلام السينمائية" في أوجها.
ومن "قلعة العرب - Old Arab Fort" توجهنا إلى "حديقة فوروضاني - Forodhani gardens" المطلة على المحيط، حديقة متوسطة الحجم، هي عبارة عن متنزه كورنيش يحوي بعض المقاعد، فيها بعض الأشجار، ومساحات من العشب يُمنع المشي أو الجلوس عليها.
هذه الحديقة ممتازة جدا للراحة بعد تعب التجوال في الأزقة، فهي قريبة جدا، وتستقطب الغالبية العظمى من السياح، كما أن أشهر معلم سياحي في الستون تاون "بيت العجائب - House of Wonders" مجاور لها. لكن وللأسف "بيت العجائب" مغلق في وجه السياح منذ فترة، بعد أن تهاوت بعض أسقفه، وهو مُعرض حاليا للإنهيار في أية لحظة.
وحوالي الساعة الواحدة والنصف توجهنا إلى "متحف قصر السلطان - Sultan's People's Palace Museum" القريب جدا من الحديقة، وفيه قضينا حوالي النصف ساعة.
متحف من طابقين، فيه الكثير من الغرف، والأدوات والأثاث القديم، والمعلومات الكثيرة عن تاريخ زنجبار.
ومن بعده توجهنا لزيارة "الحمام الفارسي - Hamamni Persian Baths"، والذي يقع في إحدى الأزقة. الحمام لا يعمل طبعا، إنما هو معلم قديم يمكن زيارته للتعرف عليه. مظلم جدا في الداخل، تجولنا فيه حوالي خمس دقائق.
ثم أخذنا جولة صغيرة في السوق الشعبية داراجاني، وتوجهنا لزيارة "المتحف التذكاري - Peace Memorial Museum" و "متحف التاريخ الطبيعي - Museum of Natural History" لكننا للأسف وجدناهما مغلقين، وستكون لنا زيارة لهما في الأيام القادمة إن شاء الله مع بقية المعالم التي لم نتمكن من زيارتها في هذا اليوم.
فعدنا أدراجنا وركبنا السيارة التي كانت بانتظارنا وتوجهنا إلى الفندق حوالي الساعة الثالثة عصرا.
وعند وصولنا للفندق دفعنا للمرشد تكلفة اليوم 90$، ودخلنا إلى غرفتنا لنستريح. وعند الساعة السادسة مساء طلبنا وجبة العشاء مقابل 34000 شيلينغ لشخصين، وكوبين من العصير مقابل 8000 شيلينغ، وزجاجة فانتا مقابل 2000 شيلينغ، وقنينة ماء لتر ونصف لجولة الغد مقابل 2000 شيلينغ.
وهكذا انتهى يومنا الثاني من الرحلة
إنتظروني مع اليوم الثالث
وزيارة جزيرة السجن
والإبحار الشراعي مع غروب الشمس
وزيارة سوق فروضاني الليلي
وقبلها فيديو من جولة اليوم الثاني