13-01-2015, 09:10 AM
|
#24 |
رحال العرب المسافرون
تاريخ التسجيل : Dec 2014 رقم العضوية : 92 الجنس : ذكر المشاركات : 141 | رد: الأرجنتين .. كوخ وطفل وكرة .. قد قيل " ربما لا يقضي السفر على التعصب، لكنه يبين أن كل الشعوب تبكي وتضحك وتأكل وتموت، ويُظهر أننا لو حاولنا فهم الآخرين لربما نصبح أصدقاء " من هنا وهناك * هذه الرحلة السياحية هي الأولى التي اضطررت للسفر فيها وحيداً ، فمن أحرص على مصاحبتهم عادة لم تسمح ظروفهم بمرافقتي فتوكلت على الله وعقدت العــزم على السفر و لو بشكل منفرد ، و أصدقكم
القول أن أول يومين أو ثلاثة ( في ريودي جانيرو ) ساورتني الشكوك حول صحة قراري هذا لكن بعد ذلك تحسنت الأمور وحمدت الله على اتخاذ هذا القرار ،و لهذا القرار ماله من سلبيات عدة لكن له إيـــجابيات أيضــاً أبرزهــا أن وقتي كــــله ملك لي وخصوصاً أنــي بطبعي لا مكان للنوم في جدولي أثناء الســفر إلا لسويعات تنتهي قبيل الشــروق ولا مـــكان للراحة الزائدة مادام هناك الجديد مما يمــكن مشاهدته وهـذان الأمران يرهقان من معي عادة رغم أني أقلل منهما من أجل موازنة الأمور والطباع المختلفة مع من يرافقني، إضافة إلى أن الوحدة اضطرتني إلى مداخلة الســـياح الآخرين وبعضاً من الأهالي وهو أحد أجمل الأمور التي جنيتها من هذه الرحلة ، إضافة إلى أني أنا من يحدد البلد الذي أرغب بزيارته أو الوجهات الداخلية وكثيراً ما يثبطني من يرافقني عن بعض الوجهات التي يرى فيها البعض جزء من الغرابة أو الخوف أو قد لا تناسبه أساساً أما بعد هذه الرحلة فالأمر محسوم وبعض من تلك الوجهات تم وضعها فعلاً في مخطط الرحلات القادمة بإذن الله ، إضافة إلى إيجابيات أخرى أقل أهمية . * إجراءات الدخول إلى الأرجنتين كانت سهلة كما في غالبية الدول أما الخروج فكان هناك تدقيق إضافي وتفتيش شخصي زائد عن المعتاد لكن الأمر مر دون مشاكل أو تأخير . * البلد آمن بدرجة كبيرة حتى في بعض الأماكن التي يوصى بالحذر عند الاقتراب منها كحي لابوكا و حي ريتيرو حيث لم أتعرض أو أرى ما يستوجب القلق رغم أني تعمقت في وسط الحيين ، لكن لا بد من التأكيد على عدم إظهار ما قد يكون لافتاً لنظر ضعاف النفوس وخصوصاً في الزحام الشديد كالأسواق ومحطات المترو أو الأزقة المنعزلة كما لا يخفى على الجميع . * اللغة الإنجليزية قليل جداً من يتعامل بها أو حتى يفهم أبجدياتها الأولية ولذلك يفضل أن تحفظ عدداً من الكلمات المتداولة للسائح والأرقام الرئيسية . * لدي تصور سابق أن الأرجنتينيين ثقلاء وفيهم استعلاء بشكل أو بآخر والسبب يعود إلى أصول غالبيتهم الأوروبية وما قرأته من بعض المواقع من شعورهم بالفخر والعلو على جيرانهم الآخرين لكن جزء كبيراً من هذا التصور انتفى وخصوصاً في بويرتو إجوازو وإلكالافاتي لصغر المدينتين واختلاطي بأهاليهما أكثر من اختلاطي بأهالي العاصمة ، لكن لا أجزم بصحة أو خطأ هذا التصور فمدة الزيارة قصيرة فضلاً عن تعاملهم معي كسائح لا كمقيم لديهم . * الأهالي متعاونون مع السائح واستفساراته بشكل كبير رغم صعوبة التفاهم بحكم اللغة . * عدد المتسكعين دون مأوى و مظاهر الفقر والطبقية بشكل عام أقل بكثير من جارتها الكبرى البرازيل . * الحياة مكلفة نوعاً ما فغالبية السلع الغذائية بالذات أسعارها أعلى من ما هو متوقع والاجارات في ارتفاع حسب ما عرفت هناك وخصوصاً خلال السنوات القليلة الماضية ويستثنى من ذلك أسعار الفنادق فهي جداً مقبولة . * بالنسبة للتنقل عبر استخدام سيارات الأجرة فأسعارها معقولة جداً وأقل تكلفة من شقيقتها البرازيل رغم أن أسعار الوقود متقاربة في البلدين . * خيار استئجار سيارة في الكالافاتي خيار مفضل في رأيي وخصوصاً لمن أراد زيارة إل شالتين . * في الكالافاتي فيما عدا الفندق فكل المحلات التجارية والمكاتب السياحية التي مررت عليها لديها سعر يضاف على استخدام البطاقات الائتمانية عنه في النقد يعادل في الغالب المبلغ المخصوم من التاجر مقابل هذه الخدمة . * خيارات الأكل التي اعتدنا على تناولها عادة يتوفر بعضها بالذات الأطباق الإيطالية كالبيتزا و الباستا واللازانيا وغيرها والمطاعم التي تقدم بعض الوجبات العربية موجودة ولكن قليلة ولي تجربة فاشلة جداً مع أحدها ، على عكس الوضع في البرازيل حيث الخيارات أكثر مع وجود الأرز كأحد الأطباق الرئيسية هناك إضافة إلى الأطباق اللبنانية الشهيرة والتي تداخل بعضها مع المطبخ البرازيلي . * بالنسبة للكهرباء فالجهد الكهربائي المستخدم هو 220 فولت والمقابس من النوع الموضح أدناه ولذلك ينصح بأخذ التوصيلات اللازمة . ـــــــــــــ أخيراً أشكر كل مــن قرأ أو شارك أو شجــع على ما كتــب في هذا التقرير و كلي أمل أن أكون قـــد وفقت في طرح المفيد والجديد لكم أحبتي أعضاء المنتدى عن هذا البلد الكبير وأن أكون قد أضفت للسائح العربي معلومات قد خفيت عن وجهة قل زائروها من أبنائنا الــــعرب وأعدكم بتقرير آخر ألـطف عن جارتها الكبرى ولكن بعد أخذ قسط من الراحة ليتجدد النشاط والشوق للكتابة ، وختاماً لا أستطيع إلا أن أنهي موضوعي عن الأرجنتين إلا بما ابتدأت به عن ذلك الطفل الذي خرج من ذاك الكوخ يداعب كرة بيسراه ومرت الأيام وكبر هذا الطفل وكبرت الأحلام والمنجزات له شخصياً ولبلاده والتي لا تكاد تذكر إلا و
يذكر اسمه ولمحبيه وعاشقيه ، لكنها سنة الحياة ولكل بداية نهاية ولكنها نهاية كشفت
قبل تمامها عن ما يعنيه هذا الساحر لبلاده ولأبنائها ، وأترككم مع مسك الختام مع
هذه الرسالة وتلك الكلمات لتلك السيدة العجوز التي لم تحب يوماً ما ذلك الطفل
ولا كرته ولا تلك الرياضة التي تجعل من 22 رجلاً يطاردون كرة حتى
منتصف الليل ، كتبت ما كتبت وأرسلتها مع دعوات وصلوات
صادقة هي والألوف غيرها أثناء ما كان ذلك – الطفل -
يرقد في العناية المركزة في المستشفى بين الحياة والموت عام 2004 : " عزيزي دييجو.. لم أرى في حياتي زاكارياس يبكي سوى 3 مرات : عندما اخبروه أن مولوده الجديد "ناشو" صبي وعندما سجلت
هدفك الثاني في مرمى الانجليز وعندما تم إبعادك من كاس العالم 1994. لهذا عليك أن تعلم "دييجو" أنه
بفضلك اكتشفت أن لزوجي مشاعر وأحاسيس ولهذا عندما يدعو ويصلي من أجلك أصلي
أنا أيضا من أجلك ، لا مانع لدي من افعل ذلك لأنه في هذا البيت عندما يقول
زوجي أشعلوا الشموع من أجلك , نقوم بإشعالها ولا نقاش
على ذلك ، ولكنك لست قديساً ! لقد قلت لك ذلك عدة مرات من قبل أنا لا أحبك بجنون أنا لم احبك يوماً لأنك بذيء ومغرور زاكارياس يقول لي دائما لو
أنني افهم في كرة القدم فلن اشعر نحــوك بهذه الطريقة ويقول دائما انه لا توجد كلمات لوصفك وانك من خارج هذا
العالم و من كوكب أخر وانك في يومك تفعل أشياء ضد قانون الطبيعة والفيزياء و إلى أخره من هذا الهراء ! ولكني
لست مهتمة في هـــذه الأشياء فانا امرأة ولا افهم في كرة القدم ولا أريد أن افهم سر عشق الرجال لشورتات
تلحق كرة ، ولكن من ناحية أخرى, هناك أشياء لا افهمها و لأجلها أصلي وأدعو لأجلك ولكن لا تعتقد
أنها بسببك هل تريد أن تعرف حقا لماذا أصلي و أدعـــــو الله لأجلك ؟ حسناً , لأنه كــــــانت هناك
أوقات لم نكن نملك فيها شيئاً ! أعني لا شيء, حتى طعام لم نكن نملكه و في هذه الأوقات
جلبت لنا السعادة و البهجة ! الفونسو كان يقودونا إلى الجنون في ذلك الوقت , وعندها
ومثل المن والسلوى من الجـــــنة أتى كاس العالم و فزت لأجــــلنا في كـــل المباريات ...
بالنســـبة إلي كان ذلك أسوء شتاء مــــر علي ، كل ما كنا نتناوله على الفطور هو
فطيرة شمندر وكل ما كنا نتناوله على العشاء هو أيضا فطيرة شمندر و لكن
عندما أسال ناشو أو زاكرياس ماذا يتذكرون في نفس الشتاء فلا يتذكرون
ولا يذكرون إلا أنت ! وكأنهم لا يعرفون بأننا كدنا نموت جوعاً !! خارج ذلك المستشفى الذي تتنفس فيه من خلال الأجهزة هناك حشد من الصحفيين الأجانب يرسلون الصور حول العالم,
يعرضون الناس وهم يشعلون الشموع ويسبحون و يسهرون الليل لأجلك ، في بعض الأحيان , أحس بالخجل و العار
أن يرانا العالم على هذا النحو, وأخشى أن يعتقدوا أننا شعب مغفل و ساذج واشعر بأنني أريد أن أخبر العالم بأننا
لا نصلي من أجل هذا الثرثار ذو اللسان السليط ! أحس بأنني أريد أن اخبر العالم عن حقيقة هذا البلد و
كيف أن أوقات سعادتنا قليلة و نادرة و كيف كنت أنت في قلب هذه السعادة ... ارغب في أن
أقول لهم كم هو صعب علينا أن نتفق على شيء أو نضحك أو نبكي لنفس السبب...
كم هو صعب بالنسبة إلينا أن نغنى "أرجنتينا...أرجنتينا " وصدورنا تعلو فخراً ،
كم هو صعب علينا أن نقوم بشيء لصالحنا أو حتى للتعبير عن غضبنا ... وفي اليوم الذي ظهر فيه فحصك للإفيدرين إيجابياً , خرجت إلى الشارع وأقسم - بحياة أولادي - أنها كانت المرة الأولى
التي رأيت فيها رجالاً بالغون يبكون .. كل ما كان حولنا هنا هو صمت مميت باستثناء صوت النحيب وجر الأرجل ...
كانت البلد كلـــــــــها غير قادرة على الكلام و في الحضيض ، حتى كايو الذي لم يــــــراك أبداً تحمل كأس العالم
لديه بوستر لك معلق على الحائط و يتكلم عنك كأنه يعرفك !... وماذا عن نابولي , حتى هي استطاعت
أن تسامحــــــك حتى وأنت تظهر على التلفزيون مباشـــــــرة لتقـــــــــــول "إيطاليا, اذهبي إلى الجحيم"!
حتى ناشو الذي لا يعرف شيئا عن كرة القدم يدافع عنك لأنه يعلم انك أكثر بكثير
من ذلك ! ولهذا أسألك , كيف لا أدعو أو أصلي من أجلك كي تشفى ؟! بعد سنين من الآن أحفاد صوفي ابنتي سيعيشون في بلد ستكون أفضل مما هي عليه الآن ووقتها أيضا أنا متأكدة أن لا أحد
سيتذكر كم من سليط و بذيء اللسان ومغرور كتب التاريخ ... سيتذكرون أن ولدا فقيراً ولد هنا أصبح أفضل لاعب كرة
قدم في التاريخ ... وسيقولون انك كنت قادراً أن تنتشل بلدا موجعاً من الألم و يعاني من الصعوبات وتجعله سعيداً
إلى حد الجنون حتى في أحلك أوقاته ، ولهذا الأمل الذي أهديتنا إياه أدعو وأصلي لأجلك حتى لا تموت ،
أصلي لأجلك حتى تشفى , حتى تتخلص من عبء كونك الـ "ديجو" حتى يتاح لك الوقت أن
تستمع بكونك شخصا عاديا ... أصلي حتى تعيش لترى أحفادك... حتى تضـــــمهم إلى
صدرك و تقول لهــــــم من كنت ؟ كـــــم هــــو رائع أن تنظــــر في عيني حفيــدك الصغير
وتقول هل تعرف من أنا ؟ أنا Diego Armando Maradona , من
جعلت بلدا كاملا سعيدا إلى حد الجنون عندما لم يكن
لهم أي أمل في أن يكونوا سعداء " دمتـم بخــير..
التعديل الأخير تم بواسطة dam10 ; 13-01-2015 الساعة 09:26 AM |
| |