خرجنا من المحطة حوالي الساعة السابعة مساء، ثم مشينا ما يقارب الخمس دقائق حتى وصلنا مطعم ألف ليلة وليلة (رابط Tripadvisor)، يقع بجواره مباشرة مطعم هندي أو تركي لا أذكر بالضبط في بناية أرضية، قبل دخولنا مر بجوارنا شاب سوري سمعنا نتحدث بالعربية فأخذ يشاركنا الحديث، سألناه عن المطعم فأخبرنا أنه ممتاز. في الخارج كانت احدى الموظفات ترحب بالزوار، دخلنا برفقتها وجلسنا حول إحدى الطاولات، عدد الزوار الموجودون حاليا قليل نسبيا، ربما عشرة أو أقل، أحضروا لنا قائمة الطعام، الأسعار خيالية، سعر طبق السلطة الواحد أغلى من وجبة كاملة من ماكدونالدز أو KFC أو المطاعم الصينية التي زرناها، الرفاق فرحون، وأنا أضرب كفا بكف، ستنكسر ميزانيتنا في وجبة واحدة. ثم بدأت الطلبات : أهم شيء خبز عربي، صحن حمص، صحن تشيبس، 3 صحون سلطة، كباب، بيتزا، ستيك، عصير ليمون. ثم بدأ الانقضاض على الطعام وكأن الرفاق هبطوا حالا من قلب الصحراء الإفريقية. في هذه الأثناء كان عدد الزوار بازدياد. إلى أن اقتربت الساعة من الثامنة مساء، لنجد امرأة شبه عارية ترتدي لباس الرقص الشرقي الشفاف في غالبه تُحضر نفسها لصعود المنصة، "الحساب لو سمحت"، صرخت في وجه النادل الصيني، لم يفهمني طبعا، رفعت يدي أشير إلى رئيس الطاقم ودمه عربي، "الحساب لو سمحت"، "نعم؟"، "من فضلك الحساب"، "عرب؟"، "أيوة عرب، الحساب لو سمحت"، "من وين حضرتكم"، "من فلسطين، إذا ممكن الحساب"، "حاضر حالا"، لهجته سورية، دقائق قليلة مرت حتى أحضر الفاتورة، خلال هذه الأثناء كانت الموسيقى تصدح والأيادي تلوح والخصور تهتز. دفعت أنا وزوجتي 315 يوان، وأختاها مثلها، أي ما مجموعه 630 يوان منها 30 يوان إكرامية، ثم خرجنا.


خرجنا من المطعم بعد الثامنة بدقائق قليلة، ثم عدنا إلى محطة المترو التي جئنا منها Tuanjiehu. حديقة Grand View Garden ستغلق أبوابها بعد ساعة فقط للأسف، أما المتاحف فقد أنهت عملها منذ ساعات طويلة، ليس أمامنا سوى العودة إلى الفندق. سنأخذ الخط الأزرق رقم 10 إلى محطة Hujialou، ومنها الخط الذهبي رقم 6 إلى Dongsi، ومنها الخط الزهري رقم 5 إلى محطتنا الأخيرة المعروفة Dengshikou. اشترينا تذكرتين مقابل 6 يوان ثم ذهبنا نبحث عن الرصيف.

خرجنا من محطتنا الأخيرة كالعادة عبر المخرج A، لنجد كميات من الأمطار تتساقط بغزارة، سبحان الله، قبل دخولنا للمترو كان الجو عاديا جدا ولا علامة واحدة تدل على قرب هطول الأمطار. لا نحمل سوى مظلة واحدة لا تكفي أربعتنا، فجلسنا بالقرب من البوابة ننتظر توقفها، وبقينا هكذا ما يقارب الربع ساعة حتى توقفت تماما، فخرجنا مسرعين نحو الفندق، وإذ بالطريق مغمورة بالمياه بصورة عجيبة، كيف لهذه الدقائق القليلة أن تغرق شارعا بأكمله ؟!، أخذنا نغوص رويدا رويدا في مغامرة رهيبة مثيرة، وهكذا إلى أن وصلنا الفندق بحمد الله حوالي الساعة التاسعة وأربعون دقيقة.