مرحبا من جديد

وعذر اً على الانقطاع الطويل غير المقصود ..
اليوم نغادر كوالالمبور إلى لنكاوي. قضينا في كوالا أياماً رائعة ولم نصدق ان الوقت حان للذهاب إلى لنكاوي.. راجعنا التاريخ والتقويم والهواتف مرة بعد مرة على أمل أن يكون هناك يوم مفقود -مختبئ في ثنايا التقويم- نقضيه في كوالا لنزور الكثير الكثير من الاماكن التي لم يسعفنا الوقت لزيارتها. ولكن الأوقات الجميلة دائما تمر سريعا.. ووقتنا في كوالالمبور طار بأسرع مما شعرنا.
قبل أن أبدأ اليوم السادس.. سأخبركم بشيء آخر جعلنا نحب المدينة بالفعل ونشعر بأنها مكان يستحق العيش فيه. تعرفون كيف تلصق عملات الرينغيت الورقية ببعضها، خاصة عندما لا تكون استخدمت كثيرا.. ولهذا تعرضت لموقفين أو ثلاثة كنت خلالهما ادفع مبلغا أكثر من المطلوب بسبب التصاق الأوراق ببعضها ودون أن ألتفت إلى الأمر (خاصة عندما يكون الأولاد معي ..
.gif)
) .. ولكن في كل مرة كان البائع يعيد إلىّ الأوراق الزائدة فوراً موضحا انها زيادة.. كنت أفرح بالموقف ليس لأجل النقود بل لأن أولادي رأوا كيف يتعامل المسلمون في بلد رأينا فيه الإسلام الصحيح من الصغير قبل الكبير .. فلا يخفى علينا تعامل التجار والبائعين من العرب والآسيويين رغم أنهم مسلمون..
أخبرتكم أننا حجزنا ليلتين إضافيتين في هذا الفندق الرائع للفترة التي ستعقب عودتنا من لنكاوي، وكانت تلك نقطة إيجابية مكنتني من حزم ثلاثة حقائب صغيرة فقط لناخذها معنا وترك الباقي في مستودع الفنقد. جاء السائق عبد الرحمن على موعدنا الذي اتفقنا عليه قبل يومين ليأخذنا إلى المطار... وفي الطريق التي تستغرق حوالي الساعة، عرفنا المزيد والكثير عن ماليزيا الرائعة وعن نظام التعليم فيها وكيف يتعلم الفقراء من خلال صندوق الزكاة وغير ذلك..
في الطريق الجميل المحفوف باللون الأخضر في كل مكان، شاهدنا مجموعة مباني تبدو كالتجمع السكني، والفضول دائماً يقودنا للسؤال
أخبرنا عبد الرحمن أن هذه المباني مخصصة للشباب حديثي الزواج، وتحديداً ما بين عمر 21 و 27 عاماً على ما أذكر، بحيث يمكنهم استئجارها بمبلغ 240 رينغيت شهرياً إيجاراً منتهياً بالتمليك .. وذلك لتشجيع الشباب على الزواج وتخفيف عبء السكن عنهم.
لا تعليق.
اعطانا عبد الرحمن رقم سائق صديق له في لنكاوي وأكد لنا أنه سيكون الرفيق الأفضل في الجزيرة.. فاتصلنا به وأعطيناه موعد وصولنا إلى مطار لنكاوي ليكون بانتظارنا. وصلنا إلى المطار - مبنى الرحلات الداخلية KLIA2.. وكان مزدحماً بشكل كبير، ربما لأنه يوم أحد أو أنه دائم الانشغال. ولكن ذلك لم يسبب لنا أي تأخير، فبمجرد وصولنا إلى كاونتر الرحلة تفقدت الموظفة بطاقات الصعود إلى الطائرة -كنا قد حجزنا المقاعد وطبعنا بطاقات البوردينغ منذ بداية الحجوزات- وشحنت الحقائب وانطلقنا إلى مكان البوابة.
جميل جدا المطار، يحتاج الكثير من المشي ولكنه مرتب وواسع ونظيف جدا..
لم أذكر لكم أن الرحلة على طيران إير آسيا، حجزت التذاكر عبر موقعهم الإلكتروني بسعر 50 دولار للشخص الواحد، وعند اختيار المقاعد كان هناك العديد منها محجوزا فاخترت الترتيب 2 -2 - 1 أي أن كل اثنين منا يجلسان معا وواحد سيجلس في مقعد خلفهم. اخترت المقاعد في الجزء الامامي لاننا جميعا لا نحتمل الجلوس في الخلف بسبب حساسيتنا المفرطة لحركة الطائرة (والتي تصبح أوضح عند الذيل)..
قرر سيف الدين الإمليزي الركوب بجانب والده فجلست أنا على مقعد وحدي بجانب سيدتين يابانيتين، وجلس ابني وابنتي معاً في مقعد أمام والدهما في الجهة الأخرى. بدأت المشكلة عندما جاء زوجان عربيان وصمما على الجلوس بجانب بعضهما، فطلبت مني المضيفة أن آتي وأجلس بجانب اولادي ..على ان يجلسا مكاني ومكان السيدة التي بجانبي. وافقت بسرور ووصلت إلى هناك بعد عناء (مقعدي على النافذة) .. وما إن جلست حتى جاءت عائلة خليجية أخرى يجلس الزوج على المقعد المقابل لنا - أي على طرف الممر ، فطلبت الزوجة الجلوس بجانب أولادي، فقمت على الفور من مكاني وأجلستها..
أخذتني المضيفة إلى مقعد خالٍ ولكنه كان في آخر الطائرة فرفضت لأنني لا يمكن أن أجلس في الخلف صراحة .. فأعادتني إلى الأمام وأجلستني بجانب عائلة خليجية ثالثة ولكن لا أدري لماذا اعترضت الزوجة على جلوسي فأخبرتي المضيفة أن عليّ تغيير المكان! نظرت إلى السيدة مستفهمة فقالت لي انها لا تريد أن يجلس بجانبهم احد.. ساءني جدا هذا التصرف وأخبرت المضيفة انني لن أغير مكاني من أجل أحد طالما كان الوضع كذلك. فالأمر أصبح محرجا وانا الوحيدة التي اتحرك في الطائرة .. وأحسست بالإهانة صراحة

وزوجي طبعا لما يعجبه الحال وطلب مني العودة إلى مقعدي الأصلي وكل واحد يدبر نفسه!
استغرقت كامل وقت الرحلة لأستعيد هدوء أعصابي .. فأنا أسافر كثيرا جدا.. أحيانا ثلاث مرات في الشهر.. ولم أتعرض مرة لموقف كهذا... خاصة ان الرحلة قصيرة جدا لا تحتاج كل تلك الكركبة ولا متسع فيها للرومانسية على حساب المسافرين الآخرين
ولكن ما إن بدأت بشائر لنكاوي تلوح في الأفق حتى بدأت استعيد جمال الرحلة وأؤكد لنفسي أنني لن أسمح لشيء أن ينغصها ... زرقة الماء وخضرة الجزر الساحرة أعطتني دفعة من السعادة وبدأت أفهم لماذا يوجد لجزيرة لنكاوي عشاق ومحبون.. حتى قبل أن تلمسها قدماي.