ღ همسة رقم 27 ღ
أثناء إقامتنا باسطنبول زرنا أحد المطاعم الشعبية
وكان بالمطعم عامل بسيط مجتهد جداً في تلبية طلباتنا
فبمجرد ما يشعر أننا نحتاج لشيء يذهب بسرعة ويعود بطلبنا
حاولت اتواصل معه وأبدي إعجابي به ولكن أشار لي بأنه أصم أبكم
أثناء تناولنا للأكل حدث موقف عابر
يبدو أن طفلتي ذات الست سنوات لديها مشكلة
حيث كانت تواجه صعوبة في طريقة تقطيع كفتة اللحم
في لحظات بل في غمضة عين فز ذلك العامل بدون أن نشعر به
وانقض مثل الصقر على صحن طفلتي وقطع اللحم عدة قطع صغيرة
بل لم يكتفي بذلك التصرف وإنما غرس الشوكة في إحدى القطع وقدمها لطفلتي
قد يكون تصرف عابر ولكن أثر فيني بشكل كبير
أقولها بكل أمانة هذا العامل ( خطف قلبي ) بتصرفه العفوي
نحن أقرب الناس لها لم ننتبه لحاجتها ومشكلتها .. وهو انتبه وبادر
سبحان الله .. حرمه الله من نعمة الكلام والسمع ولكنه منحه نعمة الإنسانية
فكأنما هذا العامل يريد أن يوصل لي رسالة خاصة
ويقول إذا تضايقت من بعض الشعب واحتيالهم وجلافتهم
فلا زال هناك أشخاص من نفس الشعب لديهم عطف ورقي وأدب
هذا العامل بتصرفه العفوي حقق بداخلي نوع من التوازن بين الخير والشر
لربما البعض يستنكر مضمون هذه الهمسة
ويقول هل هذا تقرير سياحي أم سرد عاطفي وإنساني
لم أسرد هذه القصة واجعلها همسة إلا لوجود فكرة سياحية
حركة عفوية من شخص بسيط جعلت زائر عابر للبلد يتحدث عنها
بل جعلت هذا الزائر يعود ويكتب عنها في تقريره السياحي في منتدى عربي
فبالتالي هناك من يرصد حركاتنا ويتأملها ويتحدث عنها
فقد تصدر منك حركة بسيطة لا تنتبه لها ولكن غيرك يرصدها
فإن كانت حركة راقية .. فحتماً ستصب في مصلحة بلدك القادم منه
وإن كانت حركة عكس ذلك فللأسف قد تكون هي سبب احتقار الآخرين لنا
لا تستهينوا بمثل هذه المواقف واستثمروها لتعكسوا رقي المجتمعات القادمين منها
جميل أن نسافر ونستمتع بالمناظر الخلابة
جميل أن نسافر لنكسر روتين حياتنا ونعود بنفسية متجددة
جميل أن نتعارف على الشعوب الأخرى ونكتسب ثقافات جديدة
ولكن كم هو جميل أن نرصد التصرفات الراقية ونتحدث عنها في تجاربنا
خرجنا من حديقة جولهانة منتصف العصر
وقررنا الذهاب لمكان تحدثنا عنه طيلة أيام الرحلة
ففي كل مرة نشاهد الطرف الآسيوي من الضفة الأوروبية
ولكن نريد هذه المرة أن نشاهد اسطنبول الأوروبية من الضفة الآسيوية
توجهنا لميناء امينونو وركبنا عبارة لاسكودار
تكلفة العبارة مثل بقية المواصلات الأخرى تقريباً 2.3 ليرة
أما مدة الانتقال من الطرف الأوروبي للطرف الآسيوي تقريباً 10 دقائق
الانتقال من طرف إلى طرف بالعبارة يعتبر بحد ذاته رحلة بحرية جميلة في البسفور
وهذه الاحداثية للمرفأ الذي تنطلق منه العبارة لاسكودار 28.976107 41.016947
بمجرد نزولنا مشينا في ممشى اسكودار البحري
الواجهة جميلة ولكن خطيرة لمن معه أطفال مشاغبين
لأن حافة الجلسات تطل مباشرة على البحر فلا يوجد حاجز
بصراحة مشاهدة اسطنبول الأوروبية من الطرف الأسيوي أجمل
وأقصد أجمل وأحلى من مشاهدة اسطنبول الأسيوية من الطرف الأوروبي
شاهدنا غروب الشمس في اسكودار مع سماع صوت الأذان
صلينا المغرب في الجامع القريب والمحاذي للواجهة البحرية باسكودار
وأخذنا وجبة كومبير في كافيه مجاور للجامع .. الكومبير أقل مستوى من ارتكوي
جلسنا هناك حتى قبيل أذان العشاء
ولكن برودة الاجواء جعلتنا نكتفي بهذا القدر
وقررنا العودة بنفس العبارة من اسكودار لامينونو
ويمكن لمن يريد الانتقال والعودة من خلال مترو مرمراي
وبالمناسبة العبارة جميلة ونظيفة وكبيرة وفوق هذا كله جولة بحرية
وهذه همسة لمن يبحث عن رحلة اقتصادية .. جولة بحرية بأقل من 3 ليرة
دوماً تأسرني لحظات الغروب
منظر تكرر علينا كثيراً
ولكن حتى الآن لم نشعر بملل منه
الجلسات الخارجية في العبارة
الجلسات الخارجية عدة مستوات
لا زال الغروب يحرك بداخلي كثير من المشاعر
الاقتراب من ميناء اسكودار
كما تلاحظون العبارات الجديدة غير مستهلكة
الجلسات الداخلية
تنفع كثير بلحظات البرد
رغم قصر المسافة
ولكن مجهزة بكل الاحتياجات
الطاقة الاستيعابية كبيرة
ورحلة بحرية بأقل من 3 ليرة
أعتقد وصلنا في التوقيت المناسب
غابت شمس اسطنبول
وبدأ وجه آخر يظهر من اسطنبول
حركة العبارات في اسطنبول لا تتوقف
اسطنبول الأوروبية
ممشى جميل وتوقيت أجمل
واحذروا من حافة الممشى على أطفالكم
اللون الأصفر أعطى جمال لمساء اسطنبول
واجهة بحرية جميلة
وجسر بسفور أجمل وأحلى
وهنا توقفنا كثيراً ووجدنا متعتنا
بالنهاية عدنا من حيث أتينا
وحرصنا على تجربة العبارة مساء
تجربة جميلة .. اقتصادية .. وتمشية بحرية
لا أظن أننا سنتجاوز هذا الجزء بلا فيديو
حاولوا الاستمتاع بلحظات الغروب مع صوت الأذان
عدنا من هذا المشوار البحري إلى فندقنا
وحينها تيقنا أن الرحلة قد أزفت على الانتهاء
فلم يبقى لنا سوى حزم الحقائب والاستعداد للسفر
غداً سنغادر اسطنبول ونعود بعد رحلة ربيعية رائعة
لم يبقى لنا بالتقرير سوى جزء واحد .. وحتماً همسة الختام