20-11-2018, 10:03 AM
|
#1 |
خبير المغرب
تاريخ التسجيل : Jan 2015 رقم العضوية : 1142 الدولة : Morocco الجنس : ذكر المشاركات : 3,157 أوسـمـة: ساري أحمد |
كل الاوسمة:2 (more»)
| | فوضى..ومشاعر مبعثرة..! لم تكن لدي نية بشراء تذكرة إلى المغرب وتزجية ما تبقى من إجازة بالربوع الجَميلة وقضاء اللحظات بين بلاد الأطلس إلا بعد أن هاتفني رئيسي بالعمل قائلاً : لديك 14 يوم من رصيد إجازتك وآمل ألا تستفيد منه فالسنة شارفت على الانتهاء ولن تستطيع الاستفادة منه.
من يصدق !
الرئيس الذي يدقق علينا أصغر الأمور وتوافهها يقول لي : لديك رصيد إجازة !
من يصدق بأن هذا الرئيس الذي كان حتى وإن كان هنالك مواعيد طبية تكون موافقته على مضض يلينُ قلبه تجاه موظفه المسكين الذي يعشقُ تراب المغرب ويذكرهُ برصيد الأيام !
عرجتُ على موقع الخطوط السعودية بعد أن أتت موافقة العمل على الإجازة ورأيتُ الأسعار التي كانت مناسبة وأعددتُ جدولاً بسيطاً ( عشوائياً) كي لا ارتبط بخطة معينة تجعلني أخسر لذة الأيام.
كان سعر التذكرة بـ 2078 ريال للشخص ، والمسار من ( الدمام – جدة-الدار البيضاء) مع انتظار في المطار لمدة 3 ساعات ونصف تقريباً ( ترانزيت) في مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة.
هاتفتُ شقيقي ( سعد ) واخبرته عن قرب سفري للمغرب فقال والدهشةُ في صوته : من جدك ؟
قلتُ له نعم سنسافر بمشيئة الله بعد 10 أيام من تاريخ اليوم.
قال لي : أين أنت الآن؟
قلت له : في منزلي.
حسناً اعرج على منزل والدتي فأنا هناك.
سعد شقيقي للسفر معه متعة ولذة وذكريات كثيرة وكان أول شخص سافرتُ بمعيته إلى المغرب من إخوتي، فلقد كان معي في رحلتي الربيعية التي زرنا بها مناطق عديدة ولقد كتبتُ عنها تقريراً في البوابة.
ما إن وصلت إلى منزل والدتنا حفظها الله بادرني بالتحية وقال : المغرب أجل ! ايه من ورانا يا ابو احمد طيب عطنا خبر بدري ع الاقل !
أجبته بأن حجزي للتذاكر لم يكن مخططاً ولا مرتباً، فلقد أشعرتُ بوجود رصيد في إجازتي وتحتم علي أخذها قبل أن تُلغى.
تمتم قائلاً : امممممممم حسناً حسناً أعطني رقم الرحلة من الدمام إلى جدة سأحجز معك ونتجه إلى المغرب وسأحجز أيضاً لوالدتي.
لم يكن يعلم المسكين بأني حجزت لوالدتي بعد شرائي التذاكر قُبيل ساعات.
لا حاجةَ لك بأن تحجز لوالدتي فأمورها " طيبة" نظر إلي بغرابة والدهشة تملأ تفاصيل وجهه : وش العلم ؟
ستسبقك إلى المغرب.
اعلمُ مدى اشتياقه للمغرب وحبه للسفر، لكني لمستُ تردداً على مُحياه وبالرغم من هذا قام بقطع التذكرة وحجز المقعد الخاص به في مقدمة الطائرة ( دفع رسوم بسيطة) لقاء مقعد ذو مساحة أمامية للقدمين.
اعددتُ له وشرحتُ جدول الرحلة ولم يعطني رأيه النهائي أو افكاره، وكان مستسلماً يومئ رأسه تارة ويسرح في خياله تارة أخرى.
حسناً سأقطع التذكرة !
هكذا قال لي بحرارة وشعرتُ بجموح مشاعره في تلك اللحظة ولم انطق بحرفٍ واحد آخر بشأن مشاعري وتخوفي من عدم سفره معي لكنه أكمل حجوزاته واتجهنا إلى السوق لشراء حاجيات السفر وبعض الملابس واتفقنا على موعدٍ قبل السفر بيوم للتوجه إلى الحلاق وترتيب الأمور البسيطة في الحقائب.
كنت أحصي الأيام واتقلبُ بين فراشي طوال الأسبوع السابق للرحلة ، ما بين تفكير وتخطيط و حيرة وتردد بشأن الجدول، ولم تنتهِ تلك الأيام إلا بعد أن جعلتُ جدول رحلتي " عشوائياً" وآثرتُ بأن ينسق جدول الرحلة أخي " سعد" ويتولى القيادة هذهِ المرة.
وجاء يوم الرحلة
ارتباك وفوضى مشاعر تُلهب الأكف وتجعل نبضات القلب تتدافع في حرم الاشتياق
نسأل الله ألا يقعَ حادثاً عاطفياً بين دمعي ومُقلتي لفرط الحَنين فمثل هذهِ اللحظات تضيع كافة المعاني والحروف والتعابير.
كنتُ في مكتبي منذ الصباح الباكر يوم الرحلة وكان التنسيق بأن اخرج منتصف اليوم بعد صلاة الظهر لأستغل الوقت بالترتيبات النهائية للحقائب وجمع ما لم يسعفني جمعه من ( شواحن جوالات و ما إلى ذلك).
دخلتُ على موقع الخطوط السعودية كي اطبع التذاكر ( اصبحت عادة ) في المطارات لا يطلبونها يطلبون فقط الجواز ، لكنها لذة السفر إلى المغرب تجعلك تتعلقُ بكل تفاصيل الرحلة ( عشق رهيب).
راجعتُ كافة الحجوزات وتبقى حجز أخي ، ادخلتُ رقم الحجز لكن !
اختفتْ المعلومات من التذكرة ، لا أرى تفاصيلاً مهمة !!
لكن المبلغ مسدد والتفاصيل مذكورة ما القصة ؟ ارجوكم يا خطوطنا السعودية لا تعذبوا قلوبنا اليوم فاليوم يوم الرحلة.
هاتفتُ الخطوط السعودية و نبضات قلبي كالرصاص المنتشر بين أرصفة برلين إبان الحرب العالمية الثانية، سألتهم عن وضع الرحلة الخاصة بأخي، ولماذا لا استطيع تعديل بعض الخيارات من تأكيد اختيار المقاعد أو اختيار الوجبة على أقل تقدير .
كانت الصدمة مدوية ، قالوا الحجز مُلغى يا أخي الكَريم!
قلت لهم والغرابة منتشرةُ في صوتي كالحشرجة والاحتضار : كيف ومتى ومن ألغاها !
قالوا التذكرة مُلغاة.
حولوني على رقم آخر وأفادني بأن التذكرة ملغاة وإذا شئت بأن نسترجع لك التذكرة مجدداً فقم بحجز جديد.
شكرتهم على توضحيهم لي التفاصيل المتعلقة بشأن التذكرة الخاصة بأخي واغلقت الهاتف واتصلت على أخي سعد.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سعد : وعليكم السلام ورحمة الله ، مرحباً كيف حالك ؟
الحمد لله ، أين أنت يا رجل ؟
سعد : في الطريق إلى مدينة الظهران وأنا الآن بقرب مدينة الدمام.
ما الذي تفعله يا عزيزي؟
سعد : مع السائق أنهي له اجراءات شركة التأمين، أوراق ومراجعات ووثائق.
سعد أ حقاً ألغيت حجزك المؤكد إلى المغرب وطلبت استرداد مبلغ التذكرة؟
سعد : بنبرة هادئة واثقة : نعم ألغيتها فجراً واعذرني لم أخبرك حينها لأني شعرتُ ببعض التعب والإعياء فآثرتُ إلغاء الحجز.
لكنه المغرب يا شقيقي !
واليوم الطائرة كيف و و و و و و و و و و و !
لم أرغب في أن أضاعف أحزانه و أعاتبه ، فلا حاجة للعتب الآن.
دعا لنا بالتوفيق والسداد وقضاء رحلة ممتعة ولم أعاتبه بشأن الترتيب والتنسيق السياحي أو البرنامج أو حتى ميزانية السفر ، اكتفيتُ بشكره على حُسن اختياره لتوقيت إلغاء رحلته و أخبرته بأني قادم عصر اليوم إلى منزل والدتنا واللقاء سيكون هناك فلم يعترض وقال بكل هدوء : لا بأس.
قمت بالترتيب النهائي لجدول الرحلة واعداد الحقائب وشراء بعض الهدايا للأهل في المغرب وشيء من التمور وماء زمزم.
وصلت إلى المطار في تمام الساعة السابعة مساءً وأنهيت الإجراءات بكل سلاسة في مطار الملك فهد الدولي بالدمام وجلسنا تقريباً مدة ساعتين ونصف حتى أعلنوا موعد صعود الطائرة المتجهة إلى جدة ومنها إلى المعشوقة الأبدية " الدار البيضاء".
والدتي وزوجتي وابنتي " مريم" برفقتي والمشاعر تجاه المغرب بازدياد والأفكار تتناسلُ لوضع جدول احتياطي للرحلة في حال لو تغيرت الآراء أو لأي ظروف أخرى طارئة.
شهر اكتوبر في المغرب غالباً ما يكون موسماً للأمطار الغزيرة وبداية التساقطات الثلجية في المرتفعات وجبال الأطلس، مما يعني في حال لو رغبنا التوجه إلى " تاونات" فإنه يلزمنا أخذ الاحتياط والحذر كون المنطقة جبلية وتحتاج إلى ترتيب مُحكم مع موسم الأمطار.
تناولنا بعض الوجبات الخفيفة وصعدنا الطائرة المتجهة إلى مطار الملك عبدالعزيز في جدة وبعد مضي أقل من ساعتين تقريباً وصلنا المطار وأكملنا فترة الانتظار بعد إنهاء الاجراءات من جوازات وجمارك وما إلى ذلك.
بعد أن تجاوزنا منصة الجوازات الأخيرة والتفتيش الشخصي الأخير وكعادة الخطوط السعودية لم توضح رقم البوابة في بطاقة صعود الطائرة ( البوردنغ) اضطررت مراراً وتكراراً إلى البحث عن الشاشة التي بها رقم البوابة الخاصة بالدار البيضاء، لكن مضت ساعتين ولم تظهر أية بوادر لوضع رقم البوابة في الشاشات.
مطار جدة خصوصاً الصالة الدولية اعتبرها مأساة كارثية بكل أمانة، بشق الأنفس تجد مقعداً فارغاً والخدمات المقدمة لا ترتقِ لمستوى الرضا وكلنا ثقة مع تشغيل المطار الجديد والتوسعة بأن يكون علامةً فارقة بين مطارات العالم.
المذياع الداخلي : رحلة رقم 377 والمتجهة بمشيئة الله إلى ( الدار البيضاء) بوابة رقم ( 10) يرجى من السادة المسافرين و و و التوجه إلى البوابة.
يا لهذا الصوت الجَميل يا لهذهِ اللحظة الرائعة، اسرعُ من البرق اتجهنا إلى البوابة نسابق المسافرين باشتياقُ وجنون ومزيج من الدهشة لقلة المسافرين المتجهين نحو البوابة.
نزلنا إلى الحافلة التي تقلنا إلى الطائرة ( رحلة مكوكية) واعتبرها من سيئات هذا المطار حيث تستغرق الحافلة وقتاً طويلاً ( قرابة الـ 15 ) دقيقة كي تصل إلى الطائرة وما بين جلوس ووقوف و مطبات و أفلام ( هندية) تجدُ نفسك أمام الطائرة.
لا مجالَ للنوم الآن بالرغم من الإرهاق والإعياء نظراً لعدم أخذ كفايتي من النوم يوم الرحلة واستئذاني من العمل للخروج باكراً لم يزدني إلا رَهقاً.
المقاعد قمت باختيارها مسبقاً وهي المتاخمة لمقاعد درجة رجال الأعمال مباشرة ولا يفصلنا عنهم سوى ستارة خفيفة، وسبب اختياري لهذه المقاعد أولاً قربها من بوابة الصعود والخروج ثانياً: إمكانية طلب سرير لطفلٍ رضيع ، علاوةً على المساحة الإضافية للأقدام.
رحتُ اتفرس في ملامح المسافرين، فذلك مستجدُ على المغرب والآخر حديث عهدٍ أيضاً والآخر متأنق كالعريس والأخرى تتصل بذويها في المغرب و الخُبراء والمزاعيط والمجانين !
ومن صعد الطائرة كي يكمل مسيرته نحو أوروبا انطلاقاً من جدة ومواصلة في الدار البيضاء.
الوجوه بعضها كتاب مفتوح وبعضها تجيد إخفاء الأسرار.
كعادتي الدائمة لا أجيد النوم في الطائرة مهما كانت المغريات ووسائل الترفيه والراحة، اللهم إني أضعُ رأسي المثقل بالأفكار والبرامج السياحية على كتف المقعد الذي يواسيني دائماً لمدة ربع ساعة في غفوةٍ بسيطة كأبعد تقدير.
دائماً ما تذبل الأحرف حين رغبتي بالكتابة والتعبير عن مغربنا الحَبيب وليسامحني عشاق هذا البلد لهذهِ التقلبات الشاعرية والأمواج التي تنكسر على صخور الصمت أحياناً.
فالمسألة ليست سهلةً جداً بأن تكتب أجمل مشاعرك وتصور أحاسيسك على الورق، تحتاجُ إلى جولات وجولات من الهدوء والسكينة، ولا تخدعنكم بعض الأحرف حينما أكتبها بأجمل الوصوف فهي تكون مشاعر ارتجالية.
أما على سياق الترتيب فأنا أكبر فوضوي على وجه الأرض خصوصاً مع الكتابة والقراءة والتعبير المنسق، لا شيء يعدل الفوضى التي تجدُ مشاعرك بها صادقة.
وكما كنتُ أقول : فوضى تجمعُ مشاعرك ولا ترتيب يبعثرُ أحاسيسك !
الطائرة تحلق فوق أجواء الدار البيضاء، رغبتي وشغفي في صراع لالتقاط صور جانبية للخضرة التي أشاهدها بالأسفل، والغيوم ترسمُ لوحة أخرى خلابة وساحرة.
أما قطرات المطر فلقد ألهبت فؤادي المسكين وجعاً وتودداً ورغبةً في إنهاء الإجراءات بأسرع وقت ممكن.
نزلنا تقريباً بعد نزول أغلب الركاب في إجراء ( حداثي) من أفكار زوجتي كي لا يزاحمنا أحد نظراً لوجود " رضيعة" تحتاجُ إلى الهدوء وتعامل لطيف.
يا الله !
إنه ممر السعادة إني أخطو الخطوات الأولى ومن تحتي أشعرُ بأنه كعرش بلقيس ، رحتُ التقطُ دُرر الأوكسجين والزمرد والياقوت بنهم، والجوع العاطفي ترتعدُ له أناملي، إنها المصافحة الأولى للدار البيضاء بعد مضي ( 3 ) أشهر، إنها الدار البيضاء يا سادة بكبريائها وشموخها تصافحني !
ما إن ولجنا إلى صالة الجوازات حتى رأيت صفوف المسافرين من كل صوبٍ وحدب، لكني اتجهتُ إلى المسار السريع ( ذوي الاحتياجات الخاصة و من لديهم أطفال رضع ونساء) وانهينا الإجراءات بسلاسة ومن دون تعقيد أو حتى تلميح بالإكراميات وما إلى ذلك.
إلى بقية الإجراءات الآن، هيا نحو سير الحقائب !
ذلك ما كنا نرسمه في مخيلاتنا حتى صدمنا بواقع تأخير الحقائب والعفش الذي امتد قرابة الساعة ونصف.
هنا اضطربت المشاعر وانقبضت الأفئدة وبدأ الشحن العاطفي يترفع معدله والتوتر في أعلى معدلاته.
خرج شابٌ من الصفوف واتجه إلى داخل سير الحقائب متجاوزاً بذلك الفعل كافة الأعراف ليرى حقائبه بنفسه، فخرج له رجال الأمن وأخذ برفع صوته قائلاً : لقد سرقوا هواتفي وأموالي !
قال له الشرطي : وكيف لعاقلٍ مثلك يعلم بأن الحقائب التي تحتوي أموالاً أو أجهزة الكترونية لا توضع مع حقائب الشحن، وكان حرياً بك أن تأخذها معك أعلى الطائرة.
وحمى الوطيس و يا ليل مطولك !
بعد أن تدافعت الحقائب نحوي فرحتُ فرحاً كبيراً وطرتُ في سعادتي محلقاً بأجنحة الرضا رغم التأخير ، فلا شيء يعدل تلك الحقائب الآن!
فهي في نظري " وطن " !
اسرعتُ إلى رجال الجمارك ولقد أوعزت إلى أحد موظفي الحقائب بأن يساعدني في سحب العربة الأخرى ( كان لدينا 6 حقائب تقريباً) ومن النوع الكبير ولا أملكُ تلك الطاقة التي يمتلكها " سوبر مان" كي أدفع بيدي العارية 6 حقائب !
واتفقتُ معه على أن اكرمه بمبلغ يجعلهُ سعيداً طوال اليوم وتم الاتفاق.
في هذهِ النقطة يجب على السائح أن يحدد السعر على أقل تقدير أو يتفق، بعض الموظفين يستطيع أن يجعلك تمر دون تفتيش وبعض الموظفين يضع الحقائب على السير الخاص بالجمارك ومن ثم تبدأ عملية التفتيش أحياناً والفلسفة.
مررنا الحقائب وبداخلي كتمتُ ألف ضحكة، ولقد قلتُ لزوجتي سيوقفني رجل الجمارك فنحنُ قادمين من الشرق ولسنا برحلةٍ داخلية.
وفعلاً أعاد الحقائب وطلب مني أن افتحها هكذا فقط لأني قلتُ له بعد سؤاله لي من أين أتيتم فأجبته: مطار جدة.
أخذ يقلب الحاجيات وينبشُ بأسلوب بدائي فوضوي، وبالرغم من الفوضوية التي اعشقها لكنه اخترع فوضوية أخرى جعلت كل ما في الحقيبة أطلالاً وأعجاز نخل خاوية !
قال : هل تحمل أكثر من هاتف نقال ؟
قلت: كلها استخدام شخصي، هل ترى أنت هواتف محمولة جديدة مثلاً ؟
قال : كلا لكن هنالك شخص سرقت هواتفه وبعض المبالغ المالية .
قلت له بكل هدوء : وهل تخالني حقاً أو المسافرين في حال سرقتنا لهذهِ الأموال والهواتف لا نملك حيلاً أو حلولاً تجعل من الهاتف أو المبالغ لا تشير إلى أنها مسروقات ؟
أ ليس لديكم كاميرات مراقبة هُنا ؟
أجاب : بلى لدينا أحدث التقنيات ، حسناً بما أنه لديكم أحسن التقنيات وأحدثها فدعني أخرج لأعانق الهواء النقي والمطر.
اعتذر وطلب مني ألا افهمه خطأ أو أسيء فهمه، فأشرتُ إليه بطرف عيني : لا تخف ولا تبتئس فأنت موظف هنا وتلك هي الأوامر.
خرجتُ من بوابة الجحيم إلى بوابة النعيم
أوكسجين يا مسلمين أوكسجين !
شهيق
زفير
اشحن رئتك يا ساري اشحنها
بعبقِ السهول
برائحة الأطلس
ونسائم الأطلسي
برائحة النعناع
والحبق !
برائحة الفليو والشيبة والزعيترة !
احقن وريدك بأفيون الشوق
خذ جرعة مفرطة!
ارتخِ
شد من أزرك !
لا تبكِ لا تحزن !
التهم تلك المائدة العامرة بأصنافِ المشاعر
اهجم وباغت الأوكسجين لا تدعه يهرب !
أنا الصريعُ هُنا من أول جولة عاطفية
أنا الغريقُ هنا !
قشة " شوق " تغرقُ مركب " الحنين " !
ما بين مستقبلين ومودعين رأيت تلك الحشود من خلف السياج الحديدي
ونظرات البعض تلاحقنا رغبةً وطمعاً في بعض دريهمات لمساعدتنا في حمل الحقائب أو ركوب سيارة أجرة.
وهاتفي يرن
يرن
يرن !
إنه محمد
الووووووووووووووو
وافينك اسيمحمد
انا هنا حدا الباركينغ !
فينك !
وظهر محمد كالبدرِ تماماً بالنسبة لي بعد ظلام ليل حالكٍ ما بين السُحب والمطبات الهوائية وطول الانتظار والإجراءات.
رحتُ معانقاً له محتضناً جسده الهزيل .
محمد ( نسيبي )
كان يتحدثُ كثيراً عن تأخرنا وكيف واجه بعض الصعوبات نظراً لغزارة المطر والزحام الأزلي في الدار البيضاء، وأنا جسدي معه لكن قلبي وعقلي في حديثٍ صامت مع الدار البيضاء وبين تلك النفحات الشاعرية الجميلة الباردة.
قلت له : لم اسمعك جيداً ماذا كنت تقول؟
قال: لا تمل ولا تكل من الدار البيضاء أنت؟
ولسان حالي يقول :
ونسيت دائي حين جاء دوائي
من ذا يقاوم نظرة (البيضاء)
صادت فؤادي والفؤاد ضعيف
والآه أصل الآه من حواء
غسل المحيط عيونها وأحاطها
بسلاسل من فضة بيضاء
والشمس تشرق كي تقبل خدها
وتذوب بالكفين كالحناء
ومشى بها فوق الرمال غرامها
بمسيرة علوية خضراء
زحفت ملايين تسابق بعضها
والعز في أعلامها الحمراء
هي مغرب الأحباب فردوسهم
جبل على بحر على صحراء” للشاعر كريم العراقي
هي بالأساس ( من ذا يقاوم نظرة السمراء)
ووضعت البيضاء أعني بها الدار البيضاء توقيع : ساري أحمد | تولعت بالمغرب وصابني (هبال)..!
مصيبة لا كتمت الشوق مصيبه..!
دارها البيضا مضرب الأمثال..!
في صخبها والصمت (كازا) عجيبه..!
| |
| |