السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احييكم مرة أخرى وابدأ معكم تفاصيل رحلتي هذه والتي ارجو من الله أن أوفق في سرد أحداثها وسبر لطائفها بشكل سلس وجميل يليق بمنتدانا
بداية، عقدت العزم على القيام بهذه الرحلة مباشرة بعد انتهائي من رحلتي الاوربية البرية الأولى في العام 2012 "
https://youtu.be/d2xruXKb4Sk " حيث كان الشمال الأوروبي بمثابة لغز بالنسبة لي وخاصة أضواؤه العجيبة والتي لطالما حلمت برؤيتها، ولكن يقدر الله ما يشاء وكانت بدلا عنها رحلتي إلى أمريكا وكندا "
https://youtu.be/JxysEt0XFks "والتي كانت لي شرف المشاركة بها بهذا المنتدى في موقعه السابق.
كان اختيار نقطة الانطلاق وهي براغ عاصمة التشيك أيسر ما في هذه الرحلة، وذلك لتواجد ابني ياسر فيها لابتعاثه فيها
أخبرته بموعد السفر وطلبت منه البحث عن سيارة مناسبة وحجزها، حيث الحجز من التشيك أرخص من ألمانيا أو دول الشمال عموما
كان حجز الرحلة على الخطوط التركية من ينبع إلى براغ ذهابا وإيابا عن طريق استنبول مع فترة انتظار لسبع ساعات في الذهاب وقرابة الثلاثة عشر ساعة عند العودة وهو ما عزمت النية لاستغلالها في زيارة أهم المعالم السياحية في تلك المدينة والتي لم أزرها من قبل.
هذا يا احبابي هو كامل التخطيط المسبق لهذه الرحلة، وما سوى ذلك هو العلم بأني سأقود سيارة متجول بها من بلد إلى آخر.
طبعا كل من قرأ منكم موضوعي السابق "17000 كم في رحاب أمريكا وكندا" لن يكون إعدادي لهذه الرحلة وبهذه الكيفية مفاجئاً له!
في مطار استنبول وخلال السبع ساعات انتظار جلست في المقهى وكان بالقرب مني رجل خمنت من سحنته انه أمريكي فبادرته بالتحية بقولي "هاي" والذي بدوره رد بمثلها، بعد فترة من الزمن اتاني اتصال من الوالدة حفظها الله، وبعد انتهاء المكالمة وإذا بجاري يستهل الحديث معي وبلهجة محلية فلم يكن إلا من منطقة الرياض وكان اسمه رياض!
علمت حينها ولا حول ولا قوة إلا بالله بمدى فراستي!
تبادلنا انا وصديق الانتظار والذي كان مغادرا على نفس الرحلة أرقام الهاتف، وعلمت منه أنه سيستقل سيارة من براغ متجها إلى "جيلينا قور" وهي منطقة تقع في الغرب البولندي حيث يمكث هناك لدى صديق له يمتلك نزلا وهومن اصل سوري، وأن بينهم علاقة عمل وأنه بعد ذلك سيغادر إلى ألمانيا خلال بضعة ايام، وبدأ يحثني على زيارته ويغريني بالطبيعة البولندية، فقلت له اني قد أفعل.
استقبلني ابني ياسر في المطار وأخذني إلى منزله وكان قد أعد لي وليمة دعى إليها بعض اصدقائه
في اليوم التالي وبعد أن غادر ياسر إلى الجامعة ذهبت إلى قلب براغ وبدأت استعيد ذكرياتي فيها
أعمق سلم كهربائي شاهدته
بعض ممن يقومون بالاستعراض في قلب براغ
علمت من ابني لاحقا انه لم يجد لي السيارة المناسبة بعد، فبدأنا نبحث في مكاتب تأجير السيارات التشيكية، وذلك لفارق السعر الكبير بينها وبين المكاتب العالمية والمعروفة، مثل بدجت وهانكو وغيرها
لا أعلم ما السبب، ولكن أسعار الإيجار لم تكن كما عهدتها، زرنا الكثير من المكاتب ولكن دون جدوى، ثم صادف مرورنا بالقرب من مكتب إيوروب كار، فقال ياسر دعنا نرى ما لديهم، فأخبرته بأنه مكتب دولي ولن يكون سعره مناسب ابداً، فنوه بأننا لن نخسر شيئا إن سألنا
ألف ومائتي يورو كان هو أفضل سعر وجدناه حتى حينه قيمة أجار سيارة صغيرة لمدة شهر
دخلنا مكتب إيوروب كار وبادرت الموظفة برغبتي
فاعتذرت وعيناها على الحاسب الآلي بعدم توفر أي سيارة حالياً
لم أكد أرمق ابني بتلك النظرة حتى بادرت بقولها:
إن تصبر حتى صباح الغد أستطيع أن اعطيك مرسيدس من الفئة سي
سريعا قلت في نفسي إممم..سوف نتعدى حاجز الألفي يورو لا محالة..
حسنا وبكم سيكون اجارها؟
هل تريد تأمينا شاملا
نعم
إذاً لمدة شهر مع تأمين شامل ستكون التكلفة سيدي ألف ومائتي يورو
فغرت فاهي ولا أظن اني كنت وحيدا في ذلك
فقلت:
بدون تحديد أميال بالطبع
نعم الاميال مفتوحة
لم أكن مصدقا لما اسمع قلت سأسافر بها إلى خارج التشيك
تسطيع سيدي أن تذهب بها أينما تريد في نطاق دول الاتحاد الأوروبي ولكن طرق التشيك هي الوحيدة المدفوعة ضرائبها
اتممنا العقد وخرجنا من المكتب ونحن في غبطة وذهول
في الصباح التالي عدت إلى المنزل بعد ان استلمت السيارة وبدأت بالتجهيز للرحيل وحين عاد ابني من الجامعة أبدى رغبته في مرافقتي ولا سيما ان الإجازة الاسبوعية قد حلت وأن اول محاضرة له لن تكون قبل الساعة الثانية ظهرا من يوم الإثنين
أسعدني ذلك وأطلعته على حكاية صديق المطار وأني انوي الذهاب إليه
أرسل صديقي رياض إحداثيات موقعه بعد اتصالي به والذي كان بمنطقة "جيلينا قور" والتي تقع في الغرب البولندي، وكانت المسافة تبعد قرابة الساعتين بالسيارة
وصلنا إليه متأخرين نسبياً، فقد كان مسار الطريق ملتوياً نوعاً ما، وقد يكون ذلك بسبب عدم تحديث جهاز الملاحة
حين وصلنا النزل
استقبلنا الأخ رياض بحفاوة بالغة وأخذ بأيدينا مباشرة وأدخلنا النزل فوراً وصعد بنا إلى الطابق الثاني ولم نقف إلا عند موقد الغاز في مطبخ صديقه، وبدأ يكشف لنا الآنية واحدة تلو الأخرى ليطلعنا بمكنونها ثم أمرنا بملئ أطباقنا بما نريد وجلس هو على طاولة الطعام وبدأ يتم طعامه!
تبادلنا النظرات أنا وابني ياسر ومرت لحظات قبل أن أبدأ انا بملئ طبقي
ها نحن ذا بمنزل أحدهم في مطبخه نأخذ من طعامه ولما نقابله بعد!
جلسنا على طاولة الطعام وأستهل رياض الحديث مطلعنا بأن هذا الجناح خاص بصديقه صاحب النزل، وأنه يقطن غرفة فسيحة مجاورة له
ليس إلا قليل، حتى اقبل من تخطى الستين من عمره، فاره الطول ضخم الجثة والذي بدأ وبلهجة سورية مرحباً بنا سائلاً إيانا عن الذي نود شربه
جلسنا إلى التلفاز بعد إتمام الطعام وبدأ ابو طارق صاحب النزل والذي كان في غاية اللطافة بسرد قصة هجرته إلى بولندا وبالأعمال التي زاولها ومن ثم وزواجه من زوجته البولندية بعد إسلامها إلى غير ذلك من قصصه الشيقة
بعدها انضمت إلينا زوجته تلك والتي لا تخفي سحنتها رغم سني عمرها الجمال التي كانت تحظى به في يوم ما، وكانت هي أيضاً في غاية الرقة واللطافة ولم تكن تعرف من العربية إلا النذر اليسير
أخذنا بعد تلك الأمسية الجميلة صديقنا رياض إلى غرفته والتي كانت أقرب للجناح منها إلى الغرفة، فقد كانت تحتوي على أربعة اسرة وطقم جلوس كامل وحمام فسيح، وبعد قليل من الحديث الهزلي وشيئ من الضحك أخذ كل منا سريره وخلدنا للنوم
نحن نيام الآن