17-01-2017, 04:06 PM
|
#1 |
مسافر جديد
تاريخ التسجيل : Jan 2017 رقم العضوية : 13540 الدولة : السعودية الجنس : ذكر المشاركات : 98 | مسافر في كتاب بسم الله الرحمن الرحيم
مسافر في كتاب
أنا مسافر دائم ، وعشقت السفر منذ نعومة أظافري (ولا أدري حقا إن كانت قد خشنت بعد) ، وسافرت بخيالي قبل أن أسافر بجسدي ، وكنت وما زلت أغوص في كتب الرحلات والروايات فأقرأ عن مدن وبلدان وأحلم بزيارتها إن لم أكن زرتها بعد.
من أكثر المدن التي إشتقت لرؤيتها مدينة قسنطينة في الشرق الجزائري التي أخذتني إليها بوصف جميل مبدع الكاتبة المميزة أحلام مستغانمي في روايتها "ذاكرة جسد" ، ورغم أنها تحدثت كثيرا عن حياة البطل في باريس وأن معظم أحداث الرواية تمر في باريس ، إلا أن وصفها المبدع وعودة البطل إلى بلده قسنطينة أخذتني إلى هناك قبل أن أزورها وما زلت أحلم بزيارتها ورؤية جسورها المعلقة.
سمرقند في رواية "سمرقند" ، جنوة و قبرص وبيروت وإسطنبول في "رحلة بالدسار" ، بيروت و باريس وقصة المترو الطويلة في "موانئ المشرق" ، غرناطة والشمال الأفريقي ثم روما والفاتيكان في "ليون الأفريقي" ، دمشق والقاهرة وكل البلدات المطلة على البحر المتوسط من الشام والقدس الشريف في "الحروب الصليبية كما رآها العرب" ، كل هذه روايات للكاتب المبدع أمين معلوف تأخذك في سفر طويل إلى هذه البلدان جميعها في فترات وأزمان بعيدة.
عرفت اللاذقية والوجه الآخر لبيروت ودمشق في "بقايا صور" و "الثلج يأتي من النافذة" لحنا مينا ، الفقر المدقع والمعاناة التي أخذت الكاتب مع والدته بين هذه البلدان ، الأب القاسي والمهمل لبيته ومسؤلياته ، والثورة السياسية والمعارضة التي تتسبب في الهروب بين أقبية البيوت والعمل في أدنى الأعمال.
صنعاء القديمة كان لها حظ في رواية مأساوية لوجدي الأهدل وهي "قوارب جبلية" ، ورغم مأساوية الأحداث والقرف المصاحب لبعض الشخصيات كالشواذ الأربعة والضابط الذي أحب التفرج عليهم عراة ، إلا أن النهاية كانت دائما أمام باب اليمن الذي شاهدته وتذكرت معظم أحداث الرواية يوم زرت صنعاء.
باريس كان لها حضور قوي في العديد من الروايات ، فمن "البؤساء" لفيكتور هيجو ، و"موانىء المشرق" التي ذكرتها سابقا ، إلى "الحي اللاتيني" لسهيل أدريس التي تتصارع مبادىء الشرق وحداثة الغرب فيها ، وكم من مرة زرتها وما زلت أقيم فيها قريبا جدا من حيها اللاتيني وشاهدت وتعرفت على الكثير من المقيمين والمتجنسين العرب فيها الذين مازالوا يصارعون مبادئهم الشرقية وحياتهم الواقعية ، أما دان براون فقد أجبرني لإكتشاف المدينة مرة أخرى بعد أن قرأت البوليسية المثيرة والرائعة "شيفرة دايفنشي" ، أما تاريخها الدموي فكان في قراءتي لرواية "بين مدينتين" لتشارلز دكينز التي شاهدت فيها لندن أيضا.
زرت الصين مع "باب السلام السماوي” أو “تيان آن مين" لسان شا وتعرفت على مدى قسوة الديكتاتورية وضرب النظام بيد من حديد بل من فولاذ على معارضيه ، تعرفت على الساحة الحمراء في بكين والجبال القريبة والغابات ، كما قرات الصين في "بلزاك والخياطة الصينية الصغيرة" لداي سيجي ، وكيفية عقاب المراهقين في مجتمع لا يرحم الحب.
أول قراءاتي في أدب الرحلات كانت مع أنيس منصور وكتابه الأكثر من رائع "حول العالم في مائتين يوم" وكان ذلك في أيام دراستي الثانوية ، أعتقد أنه الآن من كلاسيكيات أدب الرحلات العربي ، وقد سافرت مع الكاتب من جبال التبت حيث قابل الدلاي لاما والهند إلى الولايات المتحدة وعدت معه إلى قاهرة المعز ، أما أحمد بن فضلان فقد أخذني معه إلى خيالات في بلاد الترك والروس والصقالبة في كلاسيكية أخرى من أدب الرحلات العربي.
رحلتي إلى الأندلس كانت من أجمل رحلاتي على الإطلاق ، فقد إستمتعت كثيرا قبلها وخلالها بقراءة "راوي قرطبة" لعبدالجبار عدوان ، فسليمان الذي عاصر نهاية الدولة الأموية في الأندلس ورافق العامري في بعض غزواته ثم روى وبكل إتقان النهاية البائسة لهشام بن الحكم ثم سقوط قرطبة التي أبكتني عندما زرت زهرائها ومسجدها.
حاذرت دائما من زيارة أفريقية بعد قراءة "الله يفعل ما يشاء" لأحمدو كوروما ، ثم زاد حذري وخوفي بعد الخروج المأساوي والمريع لإسماعيل بيه الذي قرأته في روايته "الطريق الطويل" ، ولكنه علمني الأمل لرجل يخرج من سيراليون الغارقة في الحرب الأهلية لينتهي به المطاف في مكاتب الأمم المتحدة في نيويورك.
تخيلت الجبال والمرتفعات في الشمال الإيطالي والقرى السويسرية القريبة على الطرف الآخر من البحيرة والحرب التي عذبت المحبين في "وداعا للسلاح" مع إرنست هيمينجواي ، وأستمتعت مع أبطالها بأكل الجبنة والمعكرونة.
عشت أيام الثورة ضد الإحتلال البرتغالي مع "بطل في الزمان" لرويستون إلليس مع بطلها محمد ثاكروفانو ، وأبحرت معه في قاربه بين (أثيل) جزر المالديف ، وزدت عليها بقراءة ما كتبه أبن بطوطة عن زيارته والزمن الذي قضاه في بلاد ذيبة المهل كما أسماها.
القاهرة التي أحببتها دائما رأيتها بشكل آخر عندما قرات "عمارة يعقوبيان" لعلاء الأسواني ، كنت أعرف أن بها كل شيء ، فأكتشفت أني لا أعرف عنها أي شيء ، وفي ستيناتها وسبعيناتها وتياراتها السياسية والدينية كانت الحياة داخل "شقة الحرية" مع الرائع غازي القصيبي.
تعرفت على عذابات الهجرة والإنتقال من حياة العز وجمال الطبيعة إلى اللجوء من شركسستان إلى الشمال التركي ثم غور الأردن وبدايات عمّان العاصمة وتخيلت كل ذلك يحصل لجديّ الذين تركا بلادهما هربا إلى بلدي السعودية ، كل ذلك مع قراءتي لكتاب "دروب الهجرة من بلاد الشركس والشيشان إلى الشرق الأوسط" لإسكندر النجار.
وجمال الطبيعة في أروع صوره الموصوفة باللغة المكتوبة والحب العذري بين أجمل ما خلق الخالق في "ممو زين" للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي الذي يصف جمال تلك الجزيرة النهرية في بلاد الكرد شمال العراق وقصة حبيبين إنتهت بإجتماعهما في قبريهما.
وفي الخالدة "آنا كارينينا" لليون تلستوي كان الوصف الرائع للطبيعة وللفصول الأربعة بين موسكو وسان بطرسبرج التي أحببتها وأحببت قصورها وطرقاتها وريفها ووعدت نفسي بزيارتها إن أمدني الخالق بعمر إن شاء الله.
حسام عابد أندجاني
في 30 ربيع الأول 1431هـ
الموافق 16 مارس 2010م |
| |