11-06-2017, 05:07 PM
|
#1 |
مسافر جديد
تاريخ التسجيل : Jan 2017 رقم العضوية : 13540 الدولة : السعودية الجنس : ذكر المشاركات : 98 | الدرج الدرج
الصورة من تصويري في المدينة القديمة في دوبروفنيك - كرواتيا
- إلى متى سأبقى أصعد هذا الدرج!
طوال ستون عاما مضت وأنا أنزل وأصعد عليه يوميا
كنت مع أمي أنزل لأشتري لها حاجياتها
رحَلت ثم تزوجت وعشت معه سنوات عديدة ورزقنا ثلاثة
رحل ليلحق بأمي ورحلوا ليلحقوا بأعمالهم
وبقيت أصعد هذا الدرج وحدي
كم من المرات صعدت عليه!
كم بقي لي من مرات صعوده!
كم من الذكريات بين هذه الأبنية
وعلى عتبات هذا الدرج!
- غدا سيتغير كل شيء
ستكون هذه آخر مرة لي أصعد فيها هذا الدرج اللعين
لن أقابل هؤلاء السياح مرة أخرى
لن يعيقوا طريقي
سوف أقفل البيت في أعلى هذا الدرج وأبيعه لأول مشترٍ
أمضيت من عمري ما يكفي هنا
كرهت كل شيء مررت عليه هنا
العتبات التي لا تنتهي
الزهور في أطراف العتبات
الفوانيس المعلقة
السيدة التي أمامي ولم أعرفها طوال هذه السنين
الملابس المعلقة على الحبال التي تقطر ماءها على رأسي
كل شيء
غدا سأبدأ من جديد في الريف
سأزرع حياة جديدة
وسأمسح كل شيء هنا
وخصوصا هي
فهي التي جعلتني أكره كل شيء هنا
لماذا تركتني؟
لا أعلم ولكني كرهتها وكرهت كل ذكرياتها هنا
- سيدتي دعيني أدلك على أفضل طريق
لن تحتاجي لهذه الخريطة
لقد أمضيت حياتي هنا
أعرف كل شارع وكل حارة
أعرف السكان واحدا واحدا
وعرفت كل السيدات هنا
أنا ... أنا لم أتزوج بعد
لأني أعمل مرشدا
للسائحات
وخصوصا الجميلات
هل أدلك على أفضل مقهى؟
نستطيع أن نجلس وأحكي لك حكاية هذا الدرج
- لحظة
إنتظرني لو سمحت
أمي تتصل علي
هي تتصل علي يوميا منذ جئت هنا
وكأني لم أتركها قبل ثلاثة أيام فقط
نعم يا أمي إنني أستمتع بوقتي
نعم أنا وحدي
نعم انا حريصة كما وعدتك
نعم جوازي وأوراقي في خزنة الفندق
نعم نعم نعم ..
أنا ألهث لأني أصعد درجا طويلا
لا يا أمي لا يوجد مصعد
إنها المدينة القديمة
ليست مثل لوس أنجليس
إنها أقدم كثيرا يا أمي
نعم يا أمي هناك بلاد أقدم من أمريكا
سأتذكرك بالتأكيد في كل مكان
سألتقط لك صورة لهذا الدرج
إلى اللقاء يا أمي
- هاهو صديقي يجلس هنا على الدرج
كم مضى على صداقتنا؟
لا أدري ربما أربعون أو خمسون عاما أو قبل أن نولد حتى
كم هو لذيذ هذا الآيسكريم
لذيذ بلذة الصداقة التي بيننا
كل سنة مرت بيننا مثل عتبة صعدناها سويا
تمايلت أحيانا فسندني
وتمايل أحيانا فسندته
وصعدنا حتى وصلنا قمة الدرج
وها نحن نستريح سوية
ونتلذذ بذكرى تلك العتبات
والأيام والسنوات
- آه ليتها كانت هنا
أه لو تدري كم أحبها
كم هو لذيذ هذا الآيسكريم
وكم كان حبها دوما لذيذا
سوف أدعوها لتأتي معي هنا
سنعيش هذه اللحظة مرة أخرى معا
سنعيشها معا كما عشنا كل السنوات الماضية
سوف أصعد هذا الدرج مرة أخرى معها
سوف نلهث سويا
ونضحك سويا
وسوف أدعوها لهذا الآيسكريم
ولكن سأشتري واحدا فقط
ونتقاسمه سويا
سوف أعود إلى هنا
إلى هذا الدرج
حسام عابد أندجاني
9 رمضان 1438هـ
4 يونيه 2017م |
| |